بمنزلة المؤجر نفسه على صياغة عين أو غيرها من الصنائع الموجبة لإحداث هيئة مرغوبة في العين ، فله أجرة المثل لو لم يعيّن الحاكم له الأجرة مثلا ، فله المنع لو شاء الحاكم أن يأخذ الخمس إلَّا بعد أخذ حقه إما من العين أو غيرها ، وحينئذ إذا جعلت هيئة الخمس أجرة له مثلا أو بعضها أجرة فعليه بمقدار ما اغتنم من عمله الخمس من الفاضل عن المؤنة بعد اجتماع شرائطه . ولكن لو عمل فيه غافلا عن تعلق الخمس عليه ، أو كان ذلك قبل بلوغه حد النصاب - والفرض أنه لم يعلم أنه سيبلغ بعد ذلك حتى يحكم بالتعليق الآن مشروطا بما هو متأخر كما مرّ [1] - فهو بمنزلة الغافل عن كونه للغير خطأ أو للحجة الشرعية المعذّرة له كاستصحاب ملكيته إن كان السابق في ملكه فلذا لم يعص ، فحكمه حكم القسم الأول من وجوب إخراج خمس العين المتصورة بالصورة الموجبة لازدياد القيمة والرغبة ، فعليه أيضا لا يتجه الحكم بوجوب إخراج خمس المادة فقط كما عرفت ، هذا تمام الكلام بناء على وجوب إخراج الخمس من العين تعيينا . وأما بناء على وجوبه تخييرا بينه وبين إخراج القيمة من مال آخر ، أو بجعله على ضمانه مثلا فالتحقيق يقتضي الرجوع إلى أدلة جواز الإخراج من القيمة أو جواز التضمن - إن كانت - حتى يعلم سعة دلالتها وضيقها ، والظاهر كما يأتي في محله إن شاء اللَّه تعالى [2] عدم دليل مستقل دال عليه إلَّا ما يمكن أن يقال باستفادة ذلك من أخبار النقل [3] فإنه يشمل ما كان بالقيمة ، ولا يصح القياس بباب الزكاة فإنه فيها ما يدل بالاستقلال على ذلك - سيّما في زكاة الفطرة كما حققناه مستوفا -
[1] راجع ص 71 « ولكن إذا علم حصول الشرط . » . [2] راجع ص 337 « ولكن يشكل . » إلى ص 342 . [3] الوسائل كتاب الزكاة ، ب 37 و 39 من أبواب المستحقين للزكاة .