الثاني المعدن والبحث عنه بالخصوص - مع كونه داخلا في عنوان الغنيمة التي هي بمعنى الفائدة كما تقدم [1] أو مندرجا تحت عنوان الربح وما يفضل عن المؤنة الذي سيأتي البحث عنه إن شاء اللَّه تعالى - ، لأنّه لو كان داخلا في أيّ من العنوانين لا بد أن يراعى فيه ما تلزم رعايته فيه ، بخلاف ما لو كان بعنوانه المستقل متعلقا للحكم الشرعي ، إذ لا يعتبر حينئذ فيه أزيد مما يستفاد من الدليل الدال عليه ، ويلزم التأمل في حدوده سعة وضيقا من دون ارتباط بعنوان آخر أصلا .
مثلا لو كان الحكم فيه بوجوب الخمس لأجل اندراجه تحت الغنيمة يلزم أن يحسب بعد مؤنة تحصيله لا مؤنة نفسه لأنّه لا يحسب في الغنيمة إلَّا ما هو من مؤنة تحصيلها لا مؤنة الشخص الغانم والوجه في ذلك أنّه لو أنفق مثلا ألف درهم لتحصيل ألفين لا تطلق الغنيمة على مجموع الألفين بل على نصفه الباقي بعد إفراز نصفه بإزاء المؤنة وهو واضح ، ولكن لا يحسب ما أنفق لنفسه ولعياله في تلك المدة ، وبالجملة : تحسب مؤنة التحصيل لا المحصّل .
وهكذا لو كان الحكم لأجل الاندراج تحت عنوان الربح وما يفضل عن مؤنة السنة لأنّه يلزم إخراج مقدار مؤنة التحصيل والمحصّل فيحسب جميع ما أنفقه لنفسه ولعياله إذ لا يصدق الربح وعنوان الفاضل عن المؤنة إلَّا بعد إخراجها مطلقا سواء كانت مؤنة الشخص أو التحصيل والوصول إليه ، هذا .
وأما لو كان المعدن عنوانا مستقلا بحاله لا يعتبر فيه شيء من ذلك أصلا ،

[1] تقدّم في ضمن البحث عن تأسيس الأصل في أول الكتاب .

35