ولكنّ المقدار المقطوع به منها هو القسم الثاني ، وأمّا الثالث فلا ، فتحصّل :
أنّ المقدار المقطوع جوازه وكفايته في حصول البراءة هو أحد القسمين الأوّلين أي أداء الخمس من نفس العين ، وأدائه من نفس العوض المبدل إليه بالمبادلة المشروعية ، وأمّا إمساك العين الَّتي تعلَّق بها الخمس وأداء قيمة خمسها خارجا فلم يثبت عليه دليل .
تنبيه :
قد عرفت أنّ مقتضى أدلَّة الباب تعلَّق الخمس بنفس العين بنحو الإشاعة الحقيقيّة ، ولكن خرجنا عن الالتزام ببعض لوازمها بسبب الدليل الخارج من السيرة وغيرها ، فيبقى لزوم الالتزام بسائر آثارها بحاله ، فعليه لا يشرع أداء خمس بعض العين وتخليصه منه ليطيب التصرف فيه ، مثلا لو وجد كنزا ، أو معدنا يجب عليه إخراج خمس مجموع نفس العين ، أو خمس مجموع عوضها المبدلة هي إليه ، وأمّا لو شاء أن يخرج خمس نصفها ، أو ثلثها ، ليطيب له التصرّف في ذلك النصف المخمّس ، أو الثلث المخمّس ، فليس له ذلك ، إذ هو ولاية خاصّة تحتاج إلى الجعل من الشارع ، فليس للمالك تخميس بعض العين ، لمنافاته كون الشركة بنحو الإشاعة ، فما هو المتداول بعضا من الحجّاج وغيرهم من تبعيض التخميس بأداء خمس المقدار الذي يصرفونه في خصوص الحج مثلا مع عدم تخميس سائر الأموال ، فلم يثبت جوازه وكفايته .
إلى هنا انتهى البحث في الباب الأوّل عمّا يجب فيه الخمس ، وفروعاته المرتبطة به ، فحان أن نشرع في الباب الثاني الذي هو في بيان القسمة كمّا ، وكيفا ، وشرائط المستحقّ وسائر ما يرتبط بذلك .

342