وكيف كان فالأخبار الدالة بظاهرها على وجوب الحج في كل سنة لا تصلح لمعارضة الأخبار الدالة على وجوبه بنحو صرف الوجود وعدم وجوبه أكثر من مرة واحدة ، وذلك لأن الأخبار الدالة على عدم وجوبه إلا مرة واحدة ، نص في ذلك ، والطائفة المعارضة لها ليست نصا في الوجوب فيمكن حملها على إرادة الاستحباب أو غيره . ومن المحتمل أن يكون المراد من لفظ الفرض الواقع في منطوق الروايات معناه اللغوي وهو الثابت ، ومعلوم أن الثبوت أعم من أن يكون بنحو الوجوب أو بنحو الاستحباب فصلاة الليل مثلا ثابتة على المسلمين ، مع أنها ليست بواجبة . [ المسألة الأولى ] [ في فورية وجوب الحج ] قوله قده : ( لا خلاف في أن وجوب الحج بعد تحقق الشرائط فوري . ( 1 ) قد تطابقت الفتاوى قديما وحديثا على وجوب البدار إليه في أول عام الاستطاعة كما في الجواهر والمدارك والمنتهى والتذكرة ومحكي الناصريات والمختلف وشرح الجمل وغيرها ، وهذا مما لا ينبغي الشك فيه من حيث الفتوى ولكن يقع الكلام في دليله ويمكن الاستدلال على ذلك بوجوه : ( الأول ) - الإجماع كما ادعاه صاحب التذكرة والمنتهى ، وفيه : أنه قد ذكرنا أن المعتبر من الإجماع هو التعبدي لا المدركى منه ، وفي المقام يحتمل أن يكون مدركه بعض ما سنذكره من الوجوه الآتية ، فالعبرة حينئذ بها لا بالإجماع ، وعلى فرض تسليم القطع بعدم استناد المجمعين في الحكم على تلك الوجوه . نقول : إن من الواضح عدم كون الإجماع بنفسه حجة تعبدية في قبال الكتاب والسنة ولذا لم يلتزم بذلك أحد من الأصحاب - رضوان اللَّه تعالى عليهم - فالاعتماد عليه لا بد ان يكون من جهة كونه موجبا لحصول الاطمئنان بالحكم بل ربما يكون موجبا لحصول العلم بان المجمع عليه هو الواقع ، ولو لم يكشف عن الحجة المعتبرة عندهم التي كانت حجة لنا أيضا لو ظفرنا بها ، ولا عن سيرة أصحاب الأئمة - عليهم السلام - التي تكون كاشفة عن إمضاء الإمام - عليه السلام - كما ادعى هذان الوجهان في وجه حجيته ، ونحن قد أثبتنا في محله عدم تمامية ما افادوه « قدس اللَّه تعالى أسرارهم » من الوجهين أما عدم كشفه عن الحجة المعتبرة