عندهم [1] فلضرورة انه لو كان ذلك في البين لبان ولكان يصل إلينا يدا بيد ، للقطع بعدم الداعي لهم إلى إخفائها وعدم نشرها ، بل الأمر بالعكس جزما ، لما علم من اهتمامهم بضبط الروايات وكتبها ونشرها ، بل أمر الإمام - عليه السلام - لهم بذلك ، فكيف يرضى المنصف بان ينسب إليهم انهم كتموا رواية معتبرة يحتاج إليها عامة المكلفين بل أوصى كل منهم إلى صاحبه بالكتمان ، وعدم ضبطها بالكتب ، لئلا تصل إلى الطبقات المتأخرة ؟ ! فإن هذا مما يعلم بفساده . فمن عدم وصولها منهم إلينا نقطع بعدم وجودها عندهم ، فعلى هذا لا يبقى مجال للقول بكشفه عنها . وأما عدم كشفه عن السيرة العملية للوسائط والمشايخ الكاشفة كشفا قطعيا عن عمل أصحاب الأئمة - عليهم السلام - فلأن المجمعين لم يدركوا جميع الوسائط حتى يطلعوا على أعمالهم . نعم ، قد اطلعوا على أصولهم وكتبهم ورواياتهم ، وهذا كما ترى أجنبي عما نحن بصدد إثباته من كشف الإجماع عن السيرة العملية المتصلة بزمان الامام - عليه السلام - ، فالوجه في الاستدلال بالإجماع المحصل بل المنقول منه مع بعض الضمائم انما يكون من جهة كونه موجبا لحصول الاطمئنان بل ربما يوجب العلم بكون المجمع عليه هو الواقع . نظير انه ربما يتفق من التتبع في أحوال الرجال العلم بوثاقة الراوي مع عدم تمامية مدرك توثيقاتهم ، فعليه يصح لنا ان نقول : بأن الفتاوى التي صدرت منهم في عدة من المسائل التي لم يوجد على طبقها مدرك عدي الإجماع ، يحصل لنا الاطمئنان أو العلم بصحتها من ذلك الإجماع ، وقد اطلع بعض المتتبعين على كثير من الفروع المسلمة التي لا مدرك لها سوى الإجماع . ثم إنه لو سلم كشف الإجماع عن السيرة العملية ، وحصول العلم بأن أصحاب الأئمة - عليهم السلام - كانوا يأتون بالحج في أول عام الاستطاعة لقلنا إن استقرار السيرة العملية على الإتيان بالحج فورا لا يدل على وجوب الفورية ، لأن الفعل مجمل فلعله كان لاستحبابها أو لدواع أخر كالاستعجال في الاستراحة عن ثقل التكليف به فتدبر [1] .
[1] المؤلف : ولكنه دام ظله قرّب في بعض مباحثه أخيرا كون الإجماع كاشفا عن سيرة أصحاب الأئمة - عليهم السلام - الكاشفة عن إمضاء الإمام - عليه السلام - وتوضيحه يحتاج إلى بيان وتفصيل يضيق به المقام هنا ، [1] بعد القطع بعدم فوتها قبل التصنيف