ولكن انى لنا إثبات ذلك بعد عدم قيام دليل تعبدي عليه . ومن الواضح أن مع عدم وجوب الإتمام عليه لا يبقى مجال للتمسك بمثل ( لا طاعة . إلخ ) وذلك لعدم انطباق هذه الكلية على المورد كما لا يخفى . نعم بناء على القول بأن المناسك عبارة عن اعمال مستقلة لا من المركبات الارتباطية فحينئذ كل عمل أتى به العبد مع الإذن يقع منه صحيحا وما أتى به بدون الإذن فلا لعدم انطباق المأمور به عليه ، فعليه لا موجب لإتيانه بتمام العمل بعد رجوع المولى عن إذنه . وقياس المقام بالحج الفاسد - مضافا إلى أن المراد منه هو الحج الناقص الفاقد للكمال كما هو قضية كونه حجة الإسلام وأن ما هو الواجب عليه في العام القابل إتيانه هو العقوبة وكفارة لما ارتكبه قبل أعمال منى بالتفصيل الذي سيأتي في محله - إنشاء اللَّه تعالى - قياس محض بل هو قياس مع الفارق كما هو واضح . هذا ولكن يمكن أن يقال : إن الظاهر من قوله - عليه السلام - : ( لا طاعة للمخلوق . إلخ ) ، هو أن كل عمل كان بطبعه الأولى وبعنوانه الأولى - أعنى مع قطع النظر عن إطاعة المخلوق - معصية لا يكون عنوان إطاعة المخلوق مجوزا له . مثلا ، ترك صوم شهر رمضان أو ترك الصلاة الواجبة مع قطع النظر عن إطاعة المخلوق معصية ، فإذا صار ذلك معنونا بعنوان إطاعة المخلوق كما إذا أمر المولى بتركهما لم يكن هذا العنوان مجوزا للترك ومخرجا له عن كونه معصية . ومن المعلوم أيضا - أن العبادات على أنحاء ثلاثة : لأنه ( تارة ) : تكون واجبة ابتداء واستدامة ، كالصوم في شهر رمضان والصلوات الخمس اليومية . و ( أخرى ) : لا تكون واجبة لا ابتداء ولا استدامة كالصلاة المستحبة . و ( ثالثة ) : لا تكون واجبة ابتداء ، ولكن تجب استدامة وإتماما ، كما في الحج لأنه بالنسبة إلى حالة الشروع مستحب وبالنسبة إلى حالة البقاء والاستمرار واجب . فان كانت العبادة من النحو الأول ، فلا إشكال في أنه يتأتى فيها قوله : لا طاعة . إلخ ، لما عرفت من أن كل عمل كان بطبعه الأولى واجبا فعنوان إطاعة المخلوق لا يغيره عن ذلك فيجب عليه الإتيان بها استدامة من دون اعتبار إذن أحد فيها .