وأما القول بان مقصود الناذر هو إتيان أحد العدلين من دون اعتبار كونه على وجه التخيير فليس نذره مقيدا بكونه واجبا على نحو التخيير حتى يحكم باعتبار التمكن من العدلين معا في انعقاده ( فمدفوع ) بأنه خارج عن مورد الفرض ، إذا المفروض ان متعلق النذر هو أحد العدلين على وجه التخيير ، ولا شبهة في أن مجرد عدم قدرته على أحد العدلين يوجب عدم وجوب الآخر تخييريا كما لا يخفى ، فما قصده الناذر لم يقع وما وقع لم يقصد ، فيحكم بعدم انعقاده . ولكن الشهيد الأول خالف الشهيد الثاني في المسالك على ما نقله في الجواهر في مبحث النذر حيث قال : ( ولو مات الولد قبل ان يفعل الوالد بأحد الأمرين بقي الفرد الآخر ، وهو الحج عنه سواء كان موته قبل تمكنه من الحج بنفسه أم لا ، لأن النذر ليس منحصرا في حجه حتى يعتبر تمكنه في وجوبه . نعم ، لو كان موته قبل تمكن الأب من أحد الأمرين احتمل السقوط ، لفوات متعلق النذر قبل التمكن منه ، لأنه أحد الأمرين والباقي منهما غير أحدهما الكلى ، وهو خيرة الدروس ، ولو قيل بوجوب الحج عنه كان قويا ، لأن الحج عنه متعلق النذر أيضا ، وهو ممكن ، ونمنع اشتراط القدرة على جميع افراد المخير بينهما في وجوب أحدهما ، كما لو نذر الصدقة بدرهم ، فان متعلقة أمر كلي ، وهو مخير في التصدق بأي درهم اتفق من ماله ، ولو فرض ذهابه إلا درهما واحدا وجب التصدق به ) . واستجود ما أفاده صاحب المسالك ( قده ) من وجوب الحج وعدم انحلال النذر بصرف عدم القدرة على أحد طرفي عدلي التخيير صاحب الرياض ( ره ) حيث استدل في ذيل هذا المبحث في مبحث النذر على الوجوب : ( بان الحج عنه متعلق النذر أيضا وهو ممكن ، واشتراط القدرة على جميع الأفراد المخير بينها في وجوب أحدهما ممنوع وان هو حينئذ كما لو نذر التصدق بدرهم من دراهمه ، فان متعلقة أمر كلي وهو مخير في التصدق بأيها شاء ولو فرض ذهابها إلا درهما واحدا وجب الصدقة به ولعله أحوط وأجود وفاقا للمسالك ) . ولكن الأقوى في النظر هو ما أفاده الشهيد الأول في الدروس من السقوط وعدم انعقاد النذر بالنسبة إلى الفرد الممكن أيضا ، وقد ذكرنا وجهه في صدر المبحث .