ولكن التحقيق : أنه بناء على عدم وجوب الوفاء بالشرط الابتدائي جاز للباذل الرجوع عن بذله وإن كان المبذول له قد تلبس بالإحرام . وأما القول : بأن وجوب الإتمام عليه موجب لحرمة رجوع الباذل عن إذنه ( فمدفوع ) بأن المبذول له إن كان متمكنا من إتمام الحج بنفسه مع قطع النظر عن بذل الباذل وجب عليه الإتمام . وان لم يكن متمكنا منه فلا يجب عليه ذلك فوجوب الإتمام عليه لا يوجب حرمة رجوع الباذل عن بذله . نعم ، جواز أخذ المبذول له من الباذل مؤنة حجه ونفقة عوده إلى وطنه من باب قاعدة : ( المغرور يرجع إلى من غره ) جهة أخرى يأتي الكلام فيها - ان شاء اللَّه تعالى - في المسألة الآتية . فعلى هذا لا مانع من القول بجواز رجوع الباذل عن بذله ولو بعد تلبس المبذول له بالإحرام . نعم ، إذا قام دليل تعبدي بالخصوص على عدم الجواز فهو المعول ولكنه لم نظفر إلى الآن به . وأما النظائر المقيس عليها فبعضها غير صحيح وبعضها صحيح لكن قياس ما نحن فيه عليه باطل . أما بطلان قياس المقام : بمسألة عدم جواز رجوع المولى عن إذنه بعد تلبس العبد بالإحرام ، فلأن عدم جواز رجوع المولى عن إذنه في حج العبد بعد تلبسه بالإحرام فهو إنما يكون لأجل ما ورد من قوله - عليه السلام - : ( لا طاعة للمخلوق في معصية الخالق ) بالتقريب الذي تقدم ذكره في حج العبد . ولكن قد تقدم فيه عدم تمامية الاستدلال به للقول المذكور فراجعه . وأما المحل المفروض فلم يرد فيه دليل تعبدي على ذلك حتى يحكم بعدم جواز رجوع الباذل عن بذله بعد تلبس المبذول له بالإحرام . وتسرية الحكم منه إلى المقام قياس وهو باطل . وأما عدم جواز رجوع المالك عن إذنه بعد شروع المأذون له في الصلاة فهو ( ممنوع ) لأن قطع الصلاة وان كان حراما على المصلى ، لكن بعد رجوع المالك عن إذنه والعلم به تبطل صلاته ، للعلم بارتفاع إباحة المكان ، فلا صلاة حتى يحكم بحرمة قطعها فعلى هذا لا يكون الحكم ثابتا في المقيس عليه حتى يقاس عليه المقام .