إشكال في عدم جواز رجوعه عنه وهو خارج عن المبحث كما يخفى . وأما إذا كان بذله على نحو الإباحة أو على نحو الهبة ولكن لم يحصل اللزوم بالقبض أو التصرف فيقع الكلام في جواز رجوعه عن بذله وعدمه فنقول وبه نستعين : ان جواز الرجوع وعدمه مبنيان على أنه هل يجب الوفاء بالشرط الابتدائي أم لا ؟ فإنه قد شرط الباذل على نفسه أن يحج المبذول له شرطا ابتدائيا فإن قلنا بوجوب الوفاء به فلا إشكال في عدم جواز رجوعه عن بذله من دون فرق في ذلك بين كونه قبل تلبسه بالإحرام وبين كونه بعده وان قلنا بعدم وجوب الوفاء به ففي جواز رجوعه عنه مطلقا أو قبل تلبسه بالإحرام وجهان أقواهما الأول لأن الظاهر كون الشرط الابتدائي مصداقا حقيقيا للشرط فيشمله إطلاق ما دل على وجوب الوفاء بالشرط المقتضى لعدم جواز رجوعه عنه مطلقا ان لم نقل بانصرافه غاية الأمر ان ذهاب المشهور إلى عدم وجوب الوفاء به يوجب التوقف في الفتوى والأخذ بالاحتياط . ثم ، إنه ان قلنا بمقالة المشهور فهل يختص جواز رجوعه بما إذا لم يتلبس بعد بالإحرام أم لا ؟ يمكن أن يقال بالأول لأنه بعد تلبس المبذول له بالإحرام يتعين عليه الإتمام فيجب على الباذل إبقاء بذله وهذا بخلاف ما إذا لم يتلبس به إذ لا يجب عليه الإتمام حتى يحكم بلزوم إبقاء بذله ونظائره في الفقه كثيرة منها : 1 - جواز رجوع المولى عن اذنه في حج عبده قبل دخوله في الإحرام لا بعده . 2 - جواز رجوع المالك عن اذنه فيما إذا أذن لأحد أن يصلى في ملكه قبل دخوله في الصلاة لا بعدها . 3 - جواز رجوع المالك عن اذنه فيما إذا أذن بدفن ميت في ملكه قبل الدفن لا بعده 4 - جواز رجوع المالك عن اذنه قبل الرهن لا بعده فيما إذا أذن لشخص في رهن ماله لنفسه لا للمالك .