لأنه لا معنى للأمر بالاستنابة ، إذا جاز التأخير مع احتمال التمكن من الإتيان به مباشرة في العام القابل . وفيه : ان تلك الروايات لا تشمل المحل المفروض ، وهو ما إذا كان أول عام استطاعته ، كي يستدل بها على وجوب البدار إليه في أول عام الاستطاعة ، لانصرافها عنه ، لأن موردها هو ما إذا تحققت شرائط الوجوب لشخص واستقر الحج عليه ، وهو لم يتمكن من الإتيان به مباشرة لعذر يعذره اللَّه فحكم الامام - عليه السلام - بوجوب ان يجهز رجلا ليحج عنه ولا كلام لنا في ذلك ، وأما من كان أول عام استطاعته ، ولم يستقر الحج عليه فلا تشمله الروايات ، لانصرافها عنه . والحاصل : أن من استقر عليه الحج ، ولم يتمكن من الإتيان به فورا لعذر - من كبر أو مرض - فمقتضى هذه الروايات وجوب الاستنابة عليه لسقوط قيد المباشرة حينئذ ، وأما من لم يستقر عليه الحج ، فلا يجب عليه التجهيز بل يصبر إلى العام القابل ، فإن بريء من مرضه اتى به بنفسه ، والا فيستنيب ، فيكون المفروض خارجا عن موردها . وسيأتي البحث عن هذه الجهة مفصلا إنشاء اللَّه تعالى في مبحث النيابة . ( الثامن ) - الروايات الدالة على حرمة نيابة من كان واجدا بمقدار ما يحج به من الزاد والراحلة وغيرهما من الشرائط في الحج عن غيره ، ومن الظاهر أن منع الشارع عن نيابته دليل على أن وجوب الحج بعد تحقق شرائطه فوري . ومال إلى الاستدلال بها على فورية الحج : صاحب الجواهر « قده » . وفيه : أن غاية ما يستفاد من تلك الأخبار ، هو عدم جواز نيابة من اشتغلت ذمته بالحج ، قبل أن تفرغ ذمته من الحج الواجب عليه ، فلا يجوز له أن يقع أجيرا لشخص . لاشتغال ذمته بوجوب الحج عن نفسه ، فيجب عليه أن يفرغ ذمة نفسه أولا بمقتضى تلك الروايات . وأما دلالتها على وجوب الإتيان بحج نفسه فورا ، فهو أول الكلام ، ومن الممكن أن يكون الملاك في عدم جواز النيابة له شيئا آخر غير الفورية .