ولكن هي أيضا قابلة للحمل - في مقام الجمع - على إرادة كون تصرفاته في ماله متوقفة على اذن مولاه . مضافا إلى أنه يمكن الجمع - بين الطائفتين - بالترتب والطولية ان يقال : ان العبد يملك ثم بعد ذلك ينتقل من ملكه إلى ملك الولي ثم قد ظهر من جميع ما ذكرنا عدم التعارض بين الأخبار الواردة في المقام لقبولها الجمع ، فلا يبقى مجال لحمل ما دل على مالكية العبد على التقية ، لذهاب جماعة من العامة إلى ذلك كما نقل مالك ، والشافعي في قوله القديم ، وأهل الظاهر وأحمد بن حنبل ، فان الترجيح فرع المعارضة وقد عرفت عدمها . مضافا إلى ذهاب جماعة أخرى منهم إلى عدم مالكيته كأبي حنيفة ، والثوري ، وإسحاق ، واحمد ، في إحدى الروايتين ، والشافعي في قوله الجديد ، فحمل الطائفة الأولى على التقية ليس بأولى من حمل الطائفة الثانية عليها ، ان لم نقل بأن حمل الطائفة الثانية عليها أولى لموافقتها لقول أبي حنيفة المعلوم شدة التقية منه . وأيضا ظهر أنه لا وجه لترجيح الطائفة الثانية بموافقتها للكتاب ، أعنى قوله تعالى : [ ضرب اللَّه مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء ومن رزقنا منا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهر أهل يستوون . ] [1] وقوله تعالى * ( ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ فَأَنْتُمْ فِيه سَواءٌ . ) * [2] فإنك قد عرفت عدم التعارض بين الأخبار الواردة حتى تصل النوبة إلى الترجيح بموافقة الكتاب ، والطائفة الثانية محمولة على إرادة نفى تسلط العبد في التصرف في أمواله استقلالا ، والآيتان الشريفتان أيضا لم تكونا ظاهرتان في المدعى حتى تكونا مرجحا أو مرجعا على تقدير تعارض الروايات وقد أثبتنا في بيع الفضولي عدم صحة الاستدلال بها على عدم مالكيته . هذا غاية ما يمكن أن يقال في إثبات مالكية العبد على الإطلاق ، ولكن مع ذلك كله
[1] سورة النحل : - الآية - 77 . [2] سورة الروم : - الآية - 27 .