واختار الثاني صاحب الجواهر ( ره ) حيث قال بعد ذكر الصحيحين الدالين على كفاية حج واحد عنهما وبعد مناقشته فيهما : ( ومن هنا قيل والقائل المشهور : لا يجزى أحدهما عن الآخر . بل عن الناصريات الإجماع عليه ، وهو الأشبه بأصول المذهب وقواعده التي منها قاعدة تعدد المسبب بتعدد سببه المبني عليها كثير من مسائل الفقه من الكفارات وغيرها ، وان قلنا : إن أسباب الشرع معرفات ، ومن الغريب ما وقع عن بعض متأخري المتأخرين حتى سيد المدارك : من هدم هذه القاعدة ، ودعوى صدق الامتثال بواحد في جميع مواردها ) ونسبه في المدارك أيضا إلى الأكثر حيث قال : ( فذهب الأكثر ، ومنهم الشيخ في الجمل والخلاف ، وابن البراج ، وابن إدريس : إلى أن حكمها حكم الثانية تعويلا على أن اختلاف السبب يقتضي اختلاف المسبب . إلخ ) وتبعهم المصنف ( قده ) . واختار الثالث الشيخ في النهاية حيث قال : ( ان نوى حج النذر أجزأ عن حجة الإسلام وان نوى حجة الإسلام لم يجزء عن المنذورة على ما حكاه صاحب المدارك ( قده ) . يمكن ان يقال بالقول الأول ، وذلك لأن النذر بعد انعقاده صار موجبا لتبدل الاستحباب الثابت للحج بالوجوب ، والاستطاعة أيضا صارت سببا لتبدله به ، فعليه يكون سبب الوجوب متعددا ولكن مسببهما - وهو وجوب الحج - واحد ، فيحكم بكفاية حج واحد عنهما ، فيصير كل واحد من السببين جزء السبب ، ويؤثر الجامع . وأما الإشكال بأن تعدد السبب يقتضي تعدد المسبب ، ففي مفروض المقام لا بد أن يحكم بتعدد المسبب وعدم تداخله ، لتعدد السبب - وهو النذر والاستطاعة - الا ان يقوم دليل تعبدي على الخلاف ( فمدفوع ) ، وذلك لان التداخل في المسبب وان كان محتاجا إلى دليل تعبدي عند تعدد أسبابه ، كما قام عليه في الأغسال ، لكن ذلك انما يكون فيما إذا كان قابلا للتعدد والتكرار . وأما مع عدم قابليته له - كالقصاص بالقتل فيما إذا كان له أسباب مختلفة - فلا يوجب تعدد السبب فيه تعدده ، لعدم قابلية المسبب للتعدد بحسب الوجود ، وكزهاق الروح إذا كان مسببا عن أسباب كثيرة ، وكالحدث الحاصل من