دلالي في العموم ، حتى يقال : إن التخصيص موجب للتنويع فيه ، بخلاف المطلقات ، فإن الحكم بالاطلاق موقوف على إجراء مقدمات الحكمة زائدا على دلالة المطلق على نفس الطبيعة لفظا ، فإن جعل مثل هذا الحكم المترتب على نفس الطبيعة ، فعل اختياري للمولى الحكيم ، فلو كان قيد دخيلا في موضوع حكمه لكان عليه البيان ، فبدليل القيد يستكشف موضوع حكم المولى واقعا ، وأنه المقيد ، وإن أخذ المطلق موضوعا في الدليل فيمكن الحكم بالتنويع فيها ( 1 ) . ومنها : أن التزاحم موجب لعدم شمول الدليل لهما معا . وقد مر سابقا : أن الحق خلافه ، فإن مدلول الدليل ليس إلا ترتب الحكم على عنوان موضوعه ، والتزاحم إنما هو في مقام العمل والامتثال ، فالدليلان شاملان ، ولا يمكن العمل بهما ، ولذا قلنا في محله : إنه لا حاجة إلى البحث عن الترتب وإن كان بديهي البطلان ، فإن الأمرين موجودان في عرض واحد ، ولا علاقة لأحدهما بالآخر . ومنها : أن الأسبقية زمانا من المرجحات في باب التزاحم . والحق خلافه ، فإن المتأخر لو كان أهم للزم صرف القدرة فيه بحكم العقل
1 - لقد سمعت مرارا هذا الكلام من السيد الأستاذ - مد ظله - ولاحظته في كتبه أيضا ، إلا أنه بعد لم أفهم حقيقة مراده مما أفاده في الفرق ، أليس ما أفاده في المطلقات ، هو الكشف عن الجد في المطلق بدليل القيد كالعموم . والظاهر - والله العالم - أن وجه التقديم في العمومات والمطلقات ملاك واحد ومناط فارد ، وهو الكشف عن تضيق دائرة الجد عن الاستعمال ، وجريان مقدمات الحكمة مشترك بينهما ، لا في الدلالة اللفظية ، بل للحكم بتطابق الجد والاستعمال ، ولذا بنيت على عدم الترجيح في مورد تعارض العموم والاطلاق . وكيف كان ، الالتزام بالتنويع في غير محله ، فإن العموم والمطلق حجتان ببناء العقلاء ، ولا يمكن رفع اليد عن الحجة الفعلية إلا بالحجة الثابتة على خلافها ، فلا يسري إجمال المخصص المنفصل إلى العام ، وهكذا في المقيد المنفصل . نعم ، في المتصل منهما لا يمكن التمسك بالعموم في مورد الشك ، لفقد الظهور اللفظي حينئذ . وتمام الكلام في محله . المقرر حفظه الله .