نعم ، ذات العلة لا بوصفها والمتقدم لا بوصفه يوجد أولا ، ثم يوجد الثاني بعد انعدام الأول ، وإلا فهذه الإضافات متكافئات لا يتقدم شئ منها على المضاف الآخر حتى في الرتبة العقلية . فإن قلت : إن إسراء المذكور إلى المقام خلط بين الحقائق والاعتباريات ، والإضافة الاعتبارية بين الموجود والمعدوم لا مانع منها . قلت : نعم ، قياس الاعتبار بالتكوين أمر غير صحيح ، لكن للمقام خصوصية : وهي أن الإضافة - ولو الاعتبارية منها - نحو إشارة ، ولا تمكن الإشارة إلى المعدوم ، فإن الإشارة إلى شئ نحو إثبات شيئية له ، فإذا تحققت الإضافة بين الموجود والمعدوم ولو اعتبارا ، يلزم إثبات الوجود للمعدوم في حال عدمه ، وهو محال . وإن شئت قلت : لو صحت هذه الإضافة فلا بد من صدق قولنا : المعدوم مضاف وثبوت شئ لشئ فرع ثبوت المثبت له ، فلزم المحذور ( 1 ) .
1 - أقول : الذي يقوى في النظر القاصر إمكان الإضافة الاعتبارية بالنسبة إلى المعدوم ، مثل أن يؤخذ المعدوم موضوعا لحكم تكليفي أو وضعي ، كما إذا قيل : إن لم يجئك زيد فتصدق بدرهم أو إن لم يكن في البيع غرر فهو نافذ ، والشرطية والسببية والمانعية الاعتباريات كلها راجعة إلى أخذها في موضوع الحكم تكليفا أو وضعا ، فهذه الإضافات بين الحكم وموضوعه - المفروض عدما - موجودة اعتبارا ، ولنا الوجدان وإن كان لكم البرهان ، فإن البرهان يطرح بالوجدان ، كما لا يخفى . وأما قضية عدم إمكان الإشارة إلى المعدوم أو عدم ثبوته ، فكيف يثبت له شئ ؟ فغير مرتبطة بالمقام ، فإنه يكفي في الإشارة إلى المعدوم لحاظه ، وهو ممكن ، والربط الاعتباري لا يتوقف على وجود الموضوع ، بل لا يتوقف على واقع طرفه ونفس أمريته ، وهذا ثابت في الأعدام أيضا . نعم ، لا مجال لدعوى الإضافة الاعتبارية في المقام ، فإن كلا من العقد والإجازة موجود في ظرفه ، ولم يدع : أن الربط بينهما - كالتعقب وغيره من الإضافات - اعتباري ، ولم تعتبر بينهما إضافة حتى يتخلص من الاشكال بذلك . وأما دعوى : اشتراط حصول الملكية بالإجازة ، وهذه إضافة اعتبارية بين الملكية والإجازة ، فأجنبية عما ذكر من الإضافة بين العقد والإجازة . المقرر دامت بركاته .