وبالفارسية تن دردادن ، أو أخص من ذلك ، أي الرضا في مقابل الاكراه . وكيف كان ، فيكفينا حديث الرفع ( 1 ) . قال الشيخ ( رحمه الله ) : ثم إن حقيقة الاكراه - لغة وعرفا - حمل الغير على ما يكرهه ( 2 ) . أقول : لا يعتبر فيها الحمل ولا الحمل على ما يكرهه ، فإنه يصدق الاكراه بأمر الأمر مع عدم إمكان التخلف عنه للخوف من قهره ، بل يصدق ذلك ولو لم يكن له قهر ، ولكن حصل الخوف من إيقاعه ضررا ولو بدعاء أو هتك عرض وغير ذلك . نعم ، يقع الاشكال فيما لو أوقع المعاملة مع توهم الاكراه مع عدم مكره في البين واقعا ، فلو تمسكنا لبطلان عقد المكره بحديث الرفع أو بالآية الكريمة ( 3 ) ، مع حمل الرضا على عدم إكراه مكره ، فتصح هذه المعاملة لعدم المكره .
1 - أقول : قد تقدم أن الاكراه على الجد لا يعقل ، كما أن الجد على الاكراه على الجد أيضا غير معقول ، فإن الجد بالمعاملة لا يعلم إلا من قبل صاحبه ، فكيف يمكن إكراهه عليه مع إمكانه عدم الجد بالمعاملة ؟ ! والظاهر أن الرضا في الآية المباركة وهو الرضا المعاملي ليس إلا ذلك ، وما أفاده - مد ظله - من كلمة تن دردادن أيضا هو ذلك . فمعاملة المكره خالية عن إنشاء جدي ، وتبطل بذلك ، بلا حاجة إلى حديث الرفع . ولو أنشأ جدا فقد أنشأ ما ليس بمكره عليه ، فيصح لتمامية أركان المعاملة ولا يمكن رفعها بحديث الرفع ، لعدم الموضوع . وأما حمل الرضا على عدم إكراه مكره ، كما ترى ، فإن الرضا أمر وجودي في نفس العاقد ، فكيف يمكن حمله على معنى عدمي ؟ ! وبالجملة ، إما أن يقال بالفرق بين المكره وغيره في حالاته النفسية حين المعاملة ، بحيث لا يكون الأول راضيا - بأي معنى شئت - بخلاف الثاني ، أو يقال بعدم الفرق ، بل الفرق من الخارج - وهو وقوع المعاملة عن إكراه في الأول دون الثاني - فلو قيل بالثاني ، فالرضا المعاملي حاصل - على الفرض - ، لأن حمل الرضا على عدم الاكراه فقط حمل الوجودي على العدمي ، فإثبات البطلان لا يمكن إلا بحديث الرفع ، وقد مر ما فيه . ولو قيل بالأول ، فمقتضاه بطلان معاملة المكره عليها ، لعدم حصول الرضا المعاملي فيها . المقرر دامت بركاته . 2 - المكاسب : 119 / سطر 12 . 3 - النساء 4 : 29 .