فلا يحصل الجد بالمطالبة مع الالتفات إلى عدم إمكان الدفع ، ومن مبادئ المطالبة تعلق الإرادة الجدية نحو المطلوب . ثم إنه لو سلمنا إمكان المطالبة والجواز متفرعا عليه لدليل السلطنة ، فأي دليل دل على الانتقال إلى القيمة بمجرد المطالبة ؟ ! بل بناء على مبناه ( رحمه الله ) لا بد من الالتزام بثبوت العين في العهدة إلى زمان الأداء ، كما هو أيضا يلتزم بذلك ، وعلى المشهور لا بد من الالتزام بثبوت المثل على تقدير تلف العين في العهدة إلى زمان الأداء ، وأداء القيمة من مراتب الأداء ، لا أن الذمة منتقلة إلى ذلك . وثمرة هذا : لزوم قيمة يوم المطالبة بناء على الأول ، ويوم الأداء على الثاني . تحصل من هذه المسألة : أنه لا يمكن مطالبة العين أو المثل عند التعذر ، فضلا عن الانتقال إلى القيمة بالمطالبة . نعم ، المطالبة بتدارك الخسارة أمر آخر ، وهو المطالبة بالقيمة ، وسيجئ إن شاء الله . وأما في المسألة الثانية : فدعواه انصراف الأدلة غير مسموعة ، فأي منشأ لانصراف مثل المغصوب مردود ( 1 ) أو من أتلف مال الغير فهو له ضامن ( 2 ) . وما ذكره : من أنه للمالك أن يقول : إني أريد بقاء مالي في ذلك البلد الذي وصل إليه فله إلزامه بالرد إلى ذلك البلد . مدفوع : بمنع الملازمة ، مضافا إلى أنه لو سلمنا ما ذكره ، وأن للمالك المطالبة بالعين في جميع ما أدارها فيه من البلاد ، فلا بد من الالتزام بأن له المطالبة بالمثل أو القيمة في جميع البلاد التي وصل المالك إليها ، فإن المثل والقيمة الثابتين في عهدة الضامن على المشهور ، والعين الثابتة في عهدته على مبناه ( رحمه الله ) ، تنتقلان بتبع انتقال الضامن .
1 - الكافي 1 : 455 / 4 ، تهذيب الأحكام 4 : 130 / 102 ، الوافي 10 : 118 ، وسائل الشيعة 17 : 309 ، كتاب الغصب ، أبواب الغصب ، الباب 1 ، الحديث 3 . 2 - تقدم في الصفحة 264 .