الاستيلاء عليها بجميع حيثياتها ، ومنها ماهيتها النوعية - القابلة للانطباق على مثلها - وماليتها ، ولا بد من أدائها بجميع هذه الحيثيات ، وإذا تعذر بعضها تصل النوبة إلى الآخر ، وهذا هو المطلوب ، فأداء المثل والقيمة هو أداء العين ، لكن لا بجميع مراتبها ، بل ببعضها . والحاصل : أن بالاستيلاء تتعلق العهدة بالعين بجميع شؤونها وحيثياتها ، ولا بد من أدائها بجميع ذلك ، وبالتعذر يكتفى بالميسور حال الأداء ، ولا نريد من جميع الحيثيات جنسها وفصلها وجميع العناوين القابلة للانطباق عليها ، حتى يقال : لو تعذر الحيوان لا بد من رد الجسم النامي أو الجسم المطلق . . وهكذا ، بل نريد منها الحيثيات المعتبرة عند العقلاء في أبواب الضمانات ، وليست إلا الماهية النوعية - بالمعنى المتقدم - والمالية ، والمراد من المالية هي النقد المتعارف ، لا مطلق المالية ، ولعل وجهه ظاهر ( 1 ) . وقد مر بعض الاشكالات على ذلك ( 2 ) . والتحقيق : أن معنى ضمان الشئ ليس اعتباره في العهدة عند العقلاء ، فإن هذا المعنى أمر دقي عقلي لا يلتفت إليه العقلاء ، بل معنى الضمان عند العقلاء ليس إلا عهدة خسارة الشئ ، فمع وجوده تكون عهدة الضامن مشغولة بخسارته لو تلف ، ومع تلفه عهدته مشغولة بخسارة التالف . وأما انسلاخ العين الخارجية عن الوجود واعتبارها في العهدة - كما ذكر السيد ( رحمه الله ) ( 3 ) - فلا يساعد عليه النظر العرفي ، وكل دليل أسند فيه الضمان إلى الذات فالمراد منه ما ذكرنا ، فلا يتوهم أن ظاهر إسناد الضمان إلى نفس الشئ اعتباره في العهدة بنفسه ، فإن هذا الاسناد يلائم المعنى المذكور أيضا الموافق لنظر العقلاء ، ومن
1 - أنظر حاشية المكاسب ، الأصفهاني 1 : 79 / سطر 2 ، منية الطالب 1 : 135 - 136 . 2 - تقدم في الصفحة 238 - 240 . 3 - تقدم في الصفحة 238 .