وبعبارة أخرى : حيث إن المعاوضة لا تتم إلا بتبادل الإضافات ، فلا بد من المقارنة بين الايجاب والقبول ، وإلا لزم تحقق الإضافة بدون المضاف إليه ، فإن المفروض خلع لموجب الإضافة عن نفسه وعدم حصول اللبس بالنسبة إلى القابل ، فيلزم وجود الإضافة بدون المضاف إليه ( 1 ) . وفيه أولا : لو تم هذا الاشكال فلا وجه للترديد في مثل الهبة من العقود ، باعتبار أن العقلاء لا يرون اعتبار التوالي فيها ، فإن الاشكال العقلي لو تم لعم ، فما ذكره في هذا القسم من العقود لا محصل له . وثانيا : ما المراد بالعقود الإذنية في كلامه ؟ فلو كان المراد منه الإذن نفسه ، فليس هو من العقود حتى يحتاج إلى الايجاب والقبول ، فضلا عن اعتبار التوالي بينهما ، بل هو إيقاع محض ، ولو كان المراد منها بعض العقود كالوكالة والعارية ، فإطلاق الإذن على ذلك لا يخلو عن مسامحة ، فإن الإذن من أحكامه ، لا في قوامه ، كما لا يخفى ، على أن الاشكال المذكور في القسم الأول يجري في ذلك أيضا ، ولا سيما العقلائي منه ، فلاحظ . وثالثا : الخلع واللبس - وبعبارة أخرى : تبادل الإضافتين - غير معقول في نفسه ، فإن الإضافة الشخصية - التي تمام حقيقتها وهويتها قائمة بشخص خاص وملك خاص - لا يعقل قيامها بغير ذلك ، فكيف يمكن تصور خلعها ولبس الآخر لها ؟ ! وبعبارة أخرى : بمجرد الخلع لا تبقى إضافة حتى يلبسها الآخر . ورابعا : لو سلمنا ذلك وأغمضنا عما فيه ، فالمالك بعد الخلع يكون أجنبيا عن الملك ، فكيف يلبس الآخر له ؟ ! وبعبارة أخرى : اللبس مقارنا للخلع لا يمكن ، فإنهما مترتبان ، وبعد الخلع لا يبقى الملك مضافا إلى المالك ، حتى يلبسه الآخر .