فيسقط الدليلان معا ، ويرجع إلى الاستصحاب ، بخلاف ما لو ورد التخصيص في الأثناء ، فإن المرجع عموم الثاني ، كما لا يخفى . قلت : إن الأصل الثاني غير جار في نفسه ، لأنا نعلم بالحكم في أول الأمر ، كما هو المفروض ، فمعنى هذا الأصل : أن هذا الفرد المعلوم حكمه غير مرتبط بالدليل الثاني ، بل هو خارج عن عموم الأول ، فليس الشك في الإرادة الجدية في الدليل الثاني ، بل الشك في الإرادة الاستعمالية فيه ، وأصالة العموم أو الاطلاق معتبران عند العقلاء في الأول لا الثاني ، وهذا بخلاف الأصل الأول ، فإن الشك واقع في أن مهملة الحكم في هذا الفرد داخل فيه أو خارج عنه ، فيتمسك بعمومه لرفع الشك . وأيضا الدليل الثاني متفرع على الأول ، أي ما دل عليه الأول بنحو الاهمال يدل عليه الثاني بنحو الاستمرار ، فلو أجرينا الأصل الثاني ، وحكمنا بخروج المورد عن الدليل الأول ، لم يبق مجال للأصل الثاني ، فيلزم من وجوده عدمه . وهذا هو الجواب الصحيح . جواب الشيخ ومناقشته وأما ما أجاب به شيخنا العلامة ( رحمه الله ) ، وهو مبناه في تقديم الشك السببي على المسببي : من أن العام الأول في رتبة الموضوع بالنسبة إلى الثاني ، فإذا أجرينا الأصل الأول لم يبق مجال للثاني ( 1 ) ، فقد مر أن التقدم الرتبي أو الزماني ، لا يوجب تقدم أحد الأصلين على الآخر ما لم يكن الترتب شرعيا .