قد ظهر مما سبق : صحة جعله مثمنا ، فضلا عن جعله ثمنا . والاشكال المتوهم أمران : أحدهما : عدم وجود للعمل حال المعاوضة . والثاني : عدم كونه مالا . ومن جهة الأخير فصلوا بين العمل بعد وقوع المعاوضة عليه وقبله ( 1 ) . وقد تقدم الجواب عن كلا الاشكالين ، وأن المتعلق - في المقام ونظائره - هو الكلي القابل للانطباق على فرده وإن لم يكن له فرد بالفعل ، فإن الكلي موجود في صقع وجوده بالفعل ، وهو مال متعلق لرغبة العقلاء باعتبار قابليته للانطباق على الخارج ( 2 ) ، فلا يفرق بين عمل الحر والعبد من حيث المالية أبدا . وظهر مما تقدم : أن الحقوق أيضا قابلة لجعلها ثمنا - بل مثمنا - في البيع ، لصدق المال عليها وإمكان تعلق البيع بها عرفا . ولا يهمنا التفصيل في البحث عن الحق والحكم ، فإنه تطويل بلا طائل ، وموجب لاتلاف الوقت بلا موجب . التعريف المختار فتحصل من جميع ما ذكرناه : أن أحسن التعريفات للبيع ما ذكره المصباح : من أنه مبادلة مال بمال ( 3 ) . فإنه مع سلامته عما أوردوا عليه سالم عن النقوض والاشكالات الواردة على غيره ( 4 ) .
1 - المكاسب : 79 / سطر 6 ، حاشية المكاسب ، السيد اليزدي 1 : 55 . 2 - قد مر عدم تمامية ما أفاده في نفسه ووجه التخلص عن الاشكالين . المقرر حفظه الله . 3 - المصباح المنير : 87 / سطر 9 . 4 - الأولى أن يعرف البيع بتمليك مال بمال ، فإن صرف المبادلة غير محقق للبيع عرفا ، بل يشترط فيه التمليك ولو للأمر المتأخر . وأما بيع الحاكم شيئا من الوقف أو اشتراؤه شيئا له وغير ذلك من النقوض ، كسهم في سبيل الله في الزكاة والوصية لذلك وغيرها ، التي يصح بيعها مع توهم عدم مالك من طرف واحد أو من الطرفين ، فلا تنافي ما ذكرناه ، فإنه لا مانع من الالتزام بقابلية المذكورات لأن تملك ، بل المقتضي موجود ، وهو معاملة العقلاء معها معاملة الملك ، مع أنه سيظهر في ما بعد في بحث الفضولي وغيره - إن شاء الله - أنه لا منافاة بين عدم الملك وإنشاء التمليك عليه ، وأن التمليك الانشائي غير موقوف على الملك ، بل هو تابع لمبادئ إنشائه ، وحصول الملكية في الواقع للمشتري مترتب على الانشاء لا الملكية . هذا . نعم ، قد يورد على التعريف نقض بالإجارة . والجواب : أن الإجارة قسم خاص من البيع عبر عنه بعنوان خاص ، ولذا ورد التعبير عنها بالبيع في بعض الروايات ، نعم ، التعبير عنها بالبيع غير متعارف ، فلا يمكن التمسك بما دل على الآثار المترتبة على البيع لاثباتها في مورد الإجارة . المقرر حفظه الله .