السالبة الموضوع ك العنقاء ليس بأبيض ، فلا واقع لشئ من طرفيها أصلا ، فضلا عن النسبة بينهما ، بل مفادها سلب تحقق الشئ في الأول ، وسلب الوصف من باب سلب الموصوف في الثاني ، ففرض وجود النسبة واقعا خلاف الواقع ، بل خلف . وأما في الهليات المركبة ك زيد ليس بقائم ، والقضايا الحملية المؤولة ك زيد على السطح ، فسالبتها تمكن بوجهين : أحدهما : أن تكون من باب سلب الموضوع ، وقد ذكر حاله . وثانيهما : أن تكون سالبة محققة الموضوع ، ففي ذلك لا واقع لأجزاء القضية إلا لموضوعها ، وأما المحمول أو النسبة فلا . وفرض وجودهما - مضافا إلى أنه خلاف الواقع - خلف . ولا يتوهم : أن السلب أيضا نسبة ، فإن السلب نفي الهوهوية في الأول ونفي النسبة في الثاني ، فكيف يعقل أنها نسبة ؟ ! مضافا إلى أن النسبة قائمة بالمنتسبين ، والمفروض انتفاء أحدهما ، بل لو فرض وجودهما تنقلب السالبة موجبة . هذا حال القضية الواقعية ، وأما المعقولة والملفوظة فقد عرفت لزوم تطابقها والواقع ، فلا يمكن اشتمالها على النسبة ، وأما الطرفان فيهما وإن كان لا واقع لشئ منهما في الهليات البسيطة والسوالب السالبة الموضوع ، ولا واقع لأحدهما في السوالب المحققة الموضوع ، لكنهما مدركان في المعقولة وملفوظان في اللفظية ، لا للحكاية عن وجودهما خارجا ، بل لتعلق السلب بهما للحكاية عن عدم التحقق خارجا موضوعا ومحمولا فقط في الثاني ( 1 ) .
1 - قد عرفت - مما ذكرنا سابقا - وجود الحكاية هنا أيضا ، فإن المحكي هو المفهوم مع قطع النظر عن الوجود ، والسلب أيضا متعلق بذلك ، وسلب التحقق خارجا ، أو سلب الهوهوية في الخارج ، أو سلب النسبة في الخارج ، يعلم من المقام بالمعنى المتقدم . نعم ، لا ينبغي الاشكال في عدم اشتمال السالبة للنسبة ، فإن نفي النسبة أو الهوهوية مباين للنسبة ، فلا يعقل كونها نسبة ، إلا أن يقال : إن سلب مفهوم عن مفهوم أيضا نسبة ، كالاتحاد بينهما ، لكن هذا مجرد تعبير لا واقع له ، والقياس مع الفارق ، كما لا يخفى . المقرر حفظه الله .