الظاهر أن أمر السقوط أعظم من التلف ، لأن تلف العين لا ينافي بقاء ملكية التالف اعتبارا قبل الرجوع المصحح لاعتبار الرد ملكا ، بخلاف السقوط ، فإنه لا معنى لاشتغال ذمته بمثل الساقط للغير قبل الرجوع ، فإن اعتبار سقوط ما في الذمة واعتبار بقائه متنافيان ، مع التسالم على عدم اشتغال ذمته بشئ للغير قبل الرجوع ، وقد عرفت أن اعتبار بقائه تصحيحا لاعتبار التراد الملكي لازم ، لأن المعدوم لا يرد ( 1 ) ، انتهى محل الحاجة من كلامه ( رحمه الله ) . التحقيق في المقام والتحقيق أن يقال : إنه ليس المراد بجواز التراد شخص الذمة ، ولا مثله الباقي بعد السقوط اعتبارا ، فإن الأول لا يبدل بشئ ، فإن المتشخص بكونه في الذمة لا وجود له إلا في الذمة ، وغير قابل للتسليم ، والثاني بلا موجب ، بل التراد يقع بنفس ما وقع عليه العقد ، وهو نفس طبيعة الشئ ، وهذا غير قابل للتكثر بحسب الإضافات والاعتبارات ، بل نفس الطبيعة واحدة ولو لوحظت ألف مرة ، فإن اشتغال ذمة زيد بدينار وإن كان مغايرا لاشتغال ذمة عمرو بدينار ، إلا أن المشتغل به الذمتان ليس إلا نفس طبيعة الدينار . وهذا بما أنه نفس الطبيعة غير قابل للتكثر أبدا ، بل تكثرات الطبيعة إما بضم القيود إليها كالانسان الهاشمي وغيره ، أو بتشخصها في الوجود ، إما في الذهن كزيد الملحوظ في الذهن المتشخص باللحاظ المغاير للملحوظ بلحاظ آخر ، أو في الخارج كزيد ، وأما نفس الطبيعة القابلة للصدق على جميع المقيدات والمشخصات فغير قابلة للتكثر أصلا ، لا في الخارج ، ولا في الذهن ، فإن لحاظ الشئ كتشخصاته مغاير لنفس الشئ ، بل لا يعقل دخله فيه ، والشئ المتشخص باللحاظ لا يلحظ إلا باللحاظ ثانيا ، وقد مر بيان ذلك سابقا .