يكون منشأ للأحكام والآثار بالبديهة ، فالعقل قاطع بأنّ هذه المعاني بما هي ليست مرادة في تلك القضايا ، بل لا بدّ من كون قيد الوجود في البين حتّى تقع الطبيعة مقيّدة به موضوعا للمحمولات ، وقد عرفت أنّ تقيّد الماهيّة بالوجود يتصوّر على ثلاثة أنحاء ، ولكنّ العقل ساكت في هذه المرحلة عن خصوص واحد معيّن منها ، بل حاكم بلا بدّية الوجود في الجملة ، فلا بدّ في إثبات واحد معيّن منها من دليل آخر . فنقول : ما دام لم يكن في اللفظ قيد ، ولم يقم في البين قرينة ، وبعبارة أخرى : إذا أحرز مقدّمات الحكمة ، فأصالة الإطلاق حاكمة بتعيّن الأقلّ مئونة من هذه الوجوه ، وهو كون الطبيعة بلحاظ صرف الوجود موضوعا ، فإنّ أصل الوجود اعتباره مفروغ عنه ، واعتبار كلّ من الوجهين الأخيرين لكثرة مؤونتهما يحتاج إلى دلالة زائدة ، وأصالة الإطلاق تنفيها ، فتعيّن الوجه الأوّل ، ولهذا يتبادر عند العرف من إطلاق القضيّة هذا الوجه أيضا . وربّما يتبادر الوجه الثاني بمساعدة قرينة المقام ، كما في قوله تعالى : « أَحَلَّ الله الْبَيْعَ » حيث إنّ المتبادر حلَّية جميع البيوع لا بيع ما ، لكون المقام مقام اللطف والمنّة . ولا يخفى أنّ المناسب له أن تكون الحلَّية متعلَّقة بجميع البيوع لا ببيع ما أو بيع واحد غير معيّن . أو بشهادة المناسبة بين الحكم والموضوع ، بأن يكون الحكم بحيث ناسب التصاقه بالموضوع مع أي فرد أعتبر ، بلا تفاوت في ذلك بين الأفراد أصلا ، كما في قولك : تواضع للعالم ، فإنّ المناسبة بين صفة الوجوب وتواضع العالم تقتضي أن يكون اتّصافه بها بلحاظ وجوده الاستغراقي ، لا بلحاظ صرف الوجود في مقابل