بلحاظ صرف الوجود مطلوبة بلحاظ كلّ وجود أيضا مطلوبة ، فهي مع كلّ وجود اعتبرت ، اعتبرت بصفة المطلوبيّة لا بدونها ، كما أنّ النار بلحاظ كلّ وجود حارّة ، ولا تعتبر مع وجود بدون هذه الصفة ، وذلك كما في قولك : تواضع للعالم ، فإنّ من المعلوم أن ليس المراد : أوجد هذه الطبيعة فقط ، بل المراد : أوجد كلّ فرد فرد منها ، فهي بلحاظ كلّ وجود مطلوبة بالاستقلال ، ولازم هذا ملاحظة الامتثال وعدمه بالنسبة إلى كلّ فرد فرد . الثالث : أن يكون بلحاظ عدّة وجودات من حيث المجموع ، بأن يكون مورد الطلب ومناط الحكم هو الطبيعة بلحاظ هذا المجموع من حيث المجموع ، لا هي بلحاظ صرف الوجود فقط ، كقولك : تواضع للعالم ، إذا كان بلحاظ خمسة معيّنين من العلماء مثلا من حيث المجموع ، بحيث كان الغرض دائرا مدار تواضع الجميع وجودا وعدما . والفرق بين هذا والوجه الأوسط : أنّ الامتثال وعدمه ملحوظان هناك بالنسبة إلى كلّ فرد فرد وهنا بالنسبة إلى المجموع . وأمّا إنّ أيّ هذه الوجوه هو المستفاد من القضيّة اللفظية التي علَّق الحكم فيها على الطبيعة ، فالكلام فيه يحتاج إلى بيان أنّ ألفاظ الطبائع والكلَّيات موضوعة لماذا ؟ فنقول : المحكي عن السلطان - قدّس سرّه - وقبله المشهور ، أنّها موضوعة للطبيعة المهملة ، أعني : المعنى المعرّى عن الإطلاق والتقييد ، والوجود ذهنا وخارجا ، والعدم ، بحيث يصلح لكلّ واحد منها ، ولهذا لا يكون قولك : الإنسان موجود بديهيّا ، ولا قولك : الإنسان معدوم ، تناقضا . ومن الواضح أنّ هذا المعنى الذي لا يقتضي في ذاته وجودا ولا عدما لا