العدم الأزلي ، ولهذا يحكم العرف بحصول الامتثال لكلّ فرد ، ولهذا أيضا يفهم العرف من قول المولى : أهن الفاسق ، وجوب إهانة كلّ فاسق ، لا الاكتفاء بإهانة ما لفاسق ما . إذا عرفت هذا فنقول : إنّ من باع شيئا وإن كان لم ينشئ إلَّا الملكيّة المطلقة لا المقيّدة بزمان خاصّ ولا بالدوام ، إلَّا أنّه لا شبهة في أنّ تسليمه العين إلى المشتري يعدّ وفاء ، وعدم استردادها منه في الزمان الثاني أيضا كذلك ، وفي الثالث أيضا كذلك وهكذا ، وبالجملة : ما دام لم يسترجعها يعدّ موفيا بالبيع ، فإذا استرجعها في زمان يعدّ من هذا الحين ، مخالفا له ، فوجوب الوفاء بالعقد يقتضي أن يكون الوفاء بجميع أفراده ومراتبه - بالغة ما بلغت - واجبا ، لا أن يكون وفاء ما به كافيا . وبالجملة : فالآية الشريفة مساوقة لقول القائل بالفارسية ( نامردى نكن وبر طبق گفته خود رفتار كن ) ولا شكّ أنّ العرف لا يفهم منه الاكتفاء بفرد ما لهذه الطبيعة ، بل يفهم أنّه ما دام يكون لها فرد يكون الإتيان بها واجبا . نعم لو لم يكن للوفاء بالعقد في مورد أكثر من فرد واحد ، كما لو نذر أن يصوم غدا ، فانقطاع الوجوب بعد هذا الحين إنّما هو من باب أن لا يكون للطبيعة فرد آخر ، فهو من باب قصر الموضوع لا قصر الحكم . والحاصل : أنّ المستفاد من الآية هو وجوب أن يسلَّم البائع المال إلى المشتري ، ثمّ لا يسترجعه منه بعد ذلك بعنوان أنّه ملك نفسه أبدا ، فهي نظير « تواضع للعالم » في استفادة أنّ الوجوب ثابت للطبيعة بلحاظ وجوده الاستغراقي ، لا بلحاظ صرف الوجود من جهة المناسبة الكائنة بينهما المقتضية لذلك .