وذلك كما في قولك : كلّ كاتب متحرّك الأصابع ، فإنّ هذا المحمول يدور مدار الوصف العنواني وجودا وعدما ، ففي هذا القسم لا بدّ أوّلا من إحراز بقاء الموضوع بعد حدوثه ثمّ التمسّك في ثبوت الحكم بإطلاق الدليل . الثاني : أن يجعل بقاء الموضوع ملقى في الحكم بحيث يدور الحكم وجودا مدار حدوث الموضوع وعدما مدار عدم حدوثه من دون مدخليّة للبقاء فيه أصلا ، فلا يتفاوت الحال بعد حدوثه بين أن يبقى أو يفنى ، وذلك كما في قولك : الماء المتغيّر نجس ، فإنّ النجاسة لا ترتفع بمجرّد زوال التغيّر على المشهور وإن كان حدوثها منوطا بحدوثه ، ففي هذا القسم لا حاجة إلى إحراز البقاء ، لصحّة التمسّك بإطلاق الدليل لإثبات الحكم عند الشكّ فيه ، بل يكفي العلم بأصل الحدوث وإن كان البقاء مقطوع العدم . فإن قلت : إنّ الظاهر من تعليق الحكم على الموضوع القابل للبقاء هو أن يكون من قبيل الأوّل ، ولو تنزّلنا فلا أقلّ من الاحتمال ، وهو كاف في سقوط الاستدلال ، فعليك بإثبات أنّ التعليق في الآية من قبيل الثاني . قلت : القرينة على كونه من هذا القبيل هو أنّ العاقد ما دام عزمه باقيا وبناءه ثابتا لا يصدر منه خلاف الوفاء في الخارج حتّى يؤمر بالوفاء ، وإنّما يصدر منه ذلك إذا رفع اليد عن عزمه ورجع عن التزامه وبنائه ، فحينئذ يصحّ أمره بالوفاء ، وليس المراد : أنّ خلاف الوفاء لا يعقل انفكاكه عن انحلال العزم القلبي ، بل المراد أنّه وإن كان ممكنا مع بقاء العزم لكنّه لا يصدر في الغالب إلَّا مع انحلاله ، فدلّ هذا على أن ليس المراد بالآية : الأمر بالوفاء والنهي عن خلافه ما دام العزم باقيا والبناء ثابتا ، إذ قد عرفت أنّ التخلَّف في هذه الصورة قليل جدا