الدخول كان قادرا على ترك جميع أنحاء الغصب وأفراده فتوجه إليه الخطاب بترك جميعها فإن بقيت قدرته بعد الدخول فلا كلام في تنجّز العقوبة عليه ، وإن انسلخت القدرة عنه وعجز عن الخروج ، فكذلك لأنّ حاله حال من ألقى نفسه من شاهق في عدم بقاء القدرة على ترك إهلاك النفس وسقوط تكليفه وبقاء عقوبته ، بل لو بقيت القدرة على ترك الغصب الزائد لكن زاحمه واجب أهم ، كما لو توقّف بعد الدخول حفظ نفسه على عدم الخروج لا يعاد ظالم قتله لو خرج يجب عليه البقاء للحفظ ، وعقوبة الغصب باقية بحالها ، لأنّه قبل الدخول كان قادرا على ترك الغصب مع حفظ نفسه بعدم الدخول ، ولا فرق بين علمه باتفاق ذلك بعد الدخول وجهله ، لأنّه مع الجهل يدور أمره بين بقاء قدرته في الزمان المستقبل لعدم طروّ العجز ولا الابتلاء بالمزاحم الأهم وبين عدمه لطرو أحدهما ، فعلى الأوّل يتنجز عليه العقاب لقدرته المستقبلة ، وعلى الثاني لقدرته السابقة فنتيجة الأمرين تنجز العقوبة ، هذا حال العجز والمزاحمة بالأهم . وأمّا صيرورة الخروج حرجيا وضرريا ، كما لو أوعده ظالم بأخذ مال خطير منه لو خرج فليس حاله بأقوى من حال العجز ، فإذا لم يؤثّر العجز في رفع العقوبة ، وكفت القدرة السابقة في تسجيلها ، فلزوم الضرر والحرج لا يؤثّر بطريق أولى ، وحينئذ فدليل نفي الضرر والحرج غير جار هنا ، لأنّه بعد عدم ارتفاع العقوبة بسقوط التكليف فلا منّة في إسقاطه ، وقد كان مساقه المنّة ، ولا فرق أيضا بين علمه باتفاق ذلك وجهله كما تقدّم ، نعم لو قام عنده طريق شرعي أو عقلائي ممضى للشرع ، كالإطمئنان على عدم اتفاق ذلك وبقاء قدرته بلا مزاحمة أهم ولا لزوم ضرر وحرج فاتفق حصول ذلك لا نضايق من معذوريته حينئذ وشمول لا ضرر إيّاه ، وإذن فلابدّ في العالم أيضا من التفصيل بين هاتين الصورتين .