ضمان المكره دون المكره . وهو : أنّ ما اشتهر من أنّ « من أتلف مال الغير فهو له ضامن » ليس عبارة رواية وإنّما هو معقد الإجماع ، ونحن إذا راجعنا المجمعين رأيناهم يبحثون في تعيين أنّ المتلف من ذا ؟ مع أنّه لا شبهة في صدقه لغة وعرفا على كلّ من المباشر والسبب ، غاية الأمر أنّ في موارد كون أحدهما غير ذي شعور لا يصدق كلمة « من » الموضوعة لذوي العقول ، وأمّا صدق الإتلاف فلا فرق بينهما فيه في جميع الموارد ، فإذا رأينا ذلك نفهم أنّ مراد قائلي هذه العبارة أخصّ ممّا هو ظاهره ، وأنّه ما يستفاد من كلماتهم في موارد عديدة من أنّه كلَّما كان في البين سبب ومباشر فلا بدّ في الحكم بضمان المباشر من كونه بحيث يقبل لتوجيه النهي بترك الإتلاف والمباشرة نحوه ، فلو لم يقبل التكليف أصلا إمّا لعدم الشعور كما في الريح والشمس وإمّا لأنّ اختياره كالعدم كما في الصبيّ والنائم والمكره فلا ضمان حينئذ على المباشر ، وإن كان مع عدم السبب لم يكن لهذا القيد دخل في الحكم ، ولعلّ من هذا القبيل الحكم بعدم ضمان الحاكم فإنّه مكلَّف بالقضاء عند تحقّق موازينه بنظره ، فلا يكلَّف بعدم الحكم والقضاء . فإن قلت : فما تقول في الشاهد والمغرور حيث هما ضامنان مع عدم قابليتهما للنهي عن التصرّف والشهادة ؟ قلت : وإن كانا غير قابلين ظاهرا ولكنّهما ممنوعا واقعا ولا يجري هذا في الحاكم فإنّه في الواقع والظاهر مكلَّف بالحكم لا أنّ خطابه في الظاهر أحكم وفي الواقع لا تحكم . والحاصل المراد بأقوائية المباشر من السبب كونه قابلًا للتكليف وبأقوائية السبب كونه غير قابل له . بقي هنا شيء وهو أنّ ضمان اليد مع هذا لا يرتفع عن المكره فنقول