مسألة الإخبار كاذبا ببذل المال في المكان الفلاني فذهب وتحمّل المخارج الكثيرة فإنّ الإضرار صادق عرفا ، والقول بأنّ عدم وصول المال عدم النفع ومخارج الطريق كلَّها ممّا وصل عوضه إليه مثل أجرة ركوب الدابّة ونحوها كما ترى ، فيلزم على هذا البيان الحكم بضمان المخبر هذا على ما قلنا . وأمّا على ما قاله شيخنا المرتضى من نفي الحكم الضرري . فالظاهر منه - قدّس سرّه - الفراغ عن صدق الضرر في المقام وإنّما نتكلَّم فيه في المقام الآتي ، أعني : ما يغرمه في مقابل النفع الواصل إليه ، فهل على هذا المبنى كيف يكون مقتضى القاعدة تدارك البائع ، فنقول : يمكن تقريبه بأن يقال : إنّ هنا حكمين تكليفيّ ووضعي والقاعدة شاملة لهما ولهذا يستندون إليها في البيع الغبني لنفي اللزوم الذي هو الوضع . أمّا الحكم الوضعي وهو مديونيّة المشتري لعوض ما استوفاه ومهدوريّة ما ذهب منه بلا استيفاء شيء في قباله ، فقد قلنا إنّ القاعدة قد خصّصت به ولكن هنا حكما تكليفيا وهو تجويزه الشارع وترخيصه للغارّ أن يلقى المغرور في هذا الضرر ، فإنّه ضرري فإنّ الدواعي بالنسبة إلى إضرار الغير متوفّرة فيلزم من عدم منع الشارع وقوعه في الخارج بخلاف إضرار النفس فإنّ الدواعي مصروفة ولا يحتاج إلى المنع الشرعي ، وبالجملة لا إشكال في كون الأوّل حكما ضرريا فلا بدّ من نفيه بقاعدة لا ضرر وإذ انتفت الإباحة مع القطع بعدم غير الحرمة تثبت الحرمة . فإن قلت : نمنع الملازمة ، ولهذا في الضد المزاحم بالأهم لا يقولون بالحرمة ولا بالوجوب ولا بالإباحة بل يبقى بلا حكم فما المانع من صيرورته في المقام بلا حكم ، لا يقال : نفس عدم الحكم ضرري إذ يكفي في عدم ارتداع النفوس عدم تحريم الشرع ، لأنّا نقول : الكلام إنّما هو على تقدير عدم شمول القاعدة