ومحصّل ما ذكرنا أنّه بعد تسليم كون البائع مضرّا هل يقتضي قاعدة نفي الضرر لزوم التدارك عليه أو لا ؟ فنقول : إن بنينا على حمل القاعدة على تحريم الإضرار بالغير فمقتضاه على ما مرّ ذلك لما قرّرنا من أنّ كلَّما صار شيء مبغوضا للشارع فلا محالة يسخط بوجوده ، فإذا فرض شيء يرفع سخطه فيحكم العقل بعين الملاك في مبغوضيّته بوجوب هذا الشيء من غير فرق بين صورة علم الفاعل وجهله فإنّه إذا كان مهتوكيّة شخص مبغوضا للشارع ووقع من شخص ذلك معذورا فبعد التفاته لازم مبغوضيّة هذا الهتك الواقع وكون أمر جابرا له ومخرجا عن المهتوكية وجوب ذلك عقلا لاتّحاد الملاك . فإن قلت : وجه عدم قبول الملازمة العقلية بين حكم العقل والشرع وهو إمكان كون نفس الجعل ذا مفسدة جار بعينه هنا فإنّ الملاك في نفس عمل التدارك وإن كان محرزا ولكن يمكن كون جعل الوجوب ذا مفسدة وإذا جاء هذا الاحتمال يصير التكليف الفعلي مشكوكا فيدفع بأصل البراءة . قلت : هذا ممّا يستقلّ بلزوم المتابعة فيه العقل فإنّه من قبيل ما إذا رأى العبد ابن المولى في البئر وكان المولى نائما وسامح في إخراجه معتذرا بأنّه لعلّ المولى لو كان ملتفتا ما كان المصلحة في أمره فلا إشكال في أنّه يعدّ هذا الاعتذار منه مستهجنا لا أن ينسبوه إلى الكذب وأنّك ما كنت تحتمل ذلك وإلَّا كنت معذورا ، وبالجملة فمحرزيّة الملاك علَّة تامّة عند العقل لتمامية الحجّة والشك في المانع عن البعث الفعلي لا يحسب عذرا مع معلوميّة أصل المحبوبيّة ، ولا ينافي هذا مع منع الملازمة فإنّ المقام مقام تماميّة الحجيّة عند العقل وهو غير مقام القطع بتحقّق الإنشاء الفعلي من المولى فإنّه مشكوك ، لكن لازم هذا الكلام الحكم بالضمان في