أقول : أمّا الإجماع فيمكن دعوى القطع بعدمه وأمّا المال المذكور فيمكن إبداء الفارق بينه وبين المقام ، وحاصل الفرق أنّ التصدي للفعل المنافي في المال تارة يلاحظ بالإضافة إلى العقد الوارد على هذا المال الذي مضمونه مثلا انتقاله إلى زيد مع كون مضمون المتصدّي به انتقاله إلى عمرو ، فحينئذ يمكن أن [ يقال ] بقضيّة التضاد والتنافي بين المضمونين أنّ التصدّي والإقدام بأحدهما ردّ ودفع للآخر . وأخرى يلاحظ بالإضافة إلى الولاية الثابتة لشخص آخر على المال ، وفي هذا يمكن القول بأنّ التصدّي المذكور حتى مع الالتفات أيضا ليس دفعا ونقضا للولاية المزبورة ، ألا ترى أنّ المال الذي له وليّان مثل الأب والجد تصدّى أحدهما بمقتضى ولايته لبيعه ليس نقضا لولاية الآخر . نعم هو تفويت للمحل بالإضافة إلى الولاية الأخرى لأنّ مقتضى نفوذ الولاية المعمولة خروج المال عن ملك المالك فلا يبقى موضوع للولاية الأخرى ، وهذا المعنى في الشخص الواحد أيضا موجود فإنّ المالك إذا باع ماله انقطع يده عن ذلك المال ، وليس هذا نقضا لسلطنته بل هو مقتضى سلطنته وإعمال لها ، فنقول باب الوكالة من هذا القبيل الثاني فإنّ الموكل جعله قائماً مقام نفسه فكأن له بدنين ويصير للمال وليّان فإعمال أحدهما اختياره وولايته ليس نقضا ودفعا وحلاًّ لولاية الآخر . نعم بعد إعمال هذه الولاية وترتّب الأثر عليه تنحلّ تلك الولاية وتنتفي قهرا بواسطة انتفاء الموضوع ، فإذا فرض انفكاك هذا الإعمال عن الأثر كما في فرض بطلان العقد كما في المثال لم يرد اختلال في الولاية الأخرى ، وهذا بخلاف المقام فإنّ الإقدام على العقد المقتضي لانتقال المال إلى عمرو دفع وحلّ لا محالة لما يقتضي بمفاده انتقاله إلى زيد مع التفات المقدم إليه .