لكنّ الكلام كلَّه في الأولى وهو ما ذكرنا من أنّا لو خلَّينا وأنفسنا وفرضنا ورود آية : « أَوْفُوا بِالْعُقُودِ » [1] بدون الأدلَّة المقيّدة لما فهمنا بحسب ارتكازياتنا إلَّا المعنى المقيد الرافع للوحشة ، ولم ينقدح في ذهننا من الأوّل أصلا ذلك المعنى الوسيع أعني : نفوذ عقد كلّ أحد على مال كلّ أحد بل نعلم أنّه تحت ميزان وضابط رافع للهرج والمرج ولمّا يدور أمر هذا الميزان والضابط بين أمور ، فلا محالة يجب الاقتصار في حكم وجوب الوفاء على القدر المتيقّن ، ولا فرق في أخذ القدر المتيقّن بين المالك وغيره ، فقد يكون العقد من المالك ولكن لا نعلم دخوله تحت القيد الارتكازي كما في صورة حجره كالراهن والعبد والباكرة الرشيدة ، وقد لا يكون مالكا ونعلم بدخوله تحت القيد مثل عقد الوكيل والولي والمأذون . فالإنصاف عدم إمكان التمسّك بهذه الأدلَّة ، نعم يمكن التمسّك بقوله تعالى : « أَحَلَّ الله الْبَيْعَ » بتقريب أنّ البيع اسم للمسبّب أعني نفس المبادلة الواقعيّة الغير المتحقّقة إلَّا بانتقال كلّ من المالين إلى مالك الآخر واقعا ، وإطلاقه على السبب يكون على سبيل التوسّع . وحينئذ نقول : لا شكّ أنّ الألفاظ محمولة على المصاديق العرفيّة لمفاهيمها ، فينصرف لفظ البيع إلى الأفراد العرفية للمبادلة الواقعيّة وعند العرف ، كما تتحقّق المبادلة بصدور العقد من وليّ الأمر أو بإذنه ، وكذلك يرونه متحقّقا إذا صدر من شخص آخر ثمّ أمضاه الولي وأجازه ، كما لا تحقّق لها [ عند العرف ] أصلا عند صدوره من غير الولي [ أو المالك ] مع عدم لحوق الإجازة [ من قبلهما ] إلى الأبد . فالحاصل : ليس البيع كالعقد اسما للسبب حتّى يتحقّق مصداقه عرفا في