والحاصل : أنّ العمومات ساكتة عن إثبات الحكم بالنسبة إلى ما بعد الرضا ، كما أنّ أدلَّة الإكراه ساكتة عن رفعه بالنسبة إليه ، فيتعين الرجوع إلى القواعد ، ومقتضاها البطلان . هذا مع إمكان أن يقال : إنّ أدلَّة الإكراه تدلّ على رفع الحكم بالنسبة إلى ما بعد الرضا أيضا . وبيان ذلك : أنّ قوله تعالى : « أَوْفُوا بِالْعُقُودِ » دالّ على وجوب الوفاء بكلّ عقد بلا شرط ، وقوله : « تِجارَةً عَنْ تَراضٍ » مشتمل على قيدين : الأوّل : أصل الرضا ، والثاني : مقارنته ، وسببيّته للعقد ، وظهوره في التقييد بالنسبة إلى الأوّل - أعني : أصل الرضا - لعلَّه لا يمكن إنكاره ، وأمّا بالنسبة إلى الثاني ، فيمكن أن يقال بوروده مورد الغالب ، بملاحظة غلبة البيوع الناشئة عن الرضا وندرة الإكراهية ، فإطلاق الآية الأولى لا بدّ وأن يقيّد بالأوّل ، فيصير الموضوع لوجوب الوفاء هو العقد والرضا معا وإن كان الرضا متأخرا ، لا العقد وحده . وأمّا بالنسبة إلى القيد الثاني فظهورها في الإطلاق محكم وإن قلنا بأنّ الآية الثانية مجملة بالنسبة إليه ، لما تقرّر في محلَّه من أنّ القرينة المجملة إذا كانت منفصلة فلا توجب إجمال الكلام . وبالجملة فيصير المحصّل من مجموع الآيتين أنّ العقد المرضي به من الابتداء يؤثّر فعلا ، والعقد الغير المرضي ابتداء ليس له أثر فعلي لفقد شرط الرضا ، ولكن له أثر تعليقي ، بمعنى أنّه لو لحقه الرضا يؤثّر من ذاك الحين ، فحال الرضا هنا حال القبض في المجلس في الصّرف والسّلم - ومن هنا تكون صحّة العقد الفضولي بعد الإجازة على طبق القاعدة كما يأتي في بابه إن شاء الله تعالى - وحينئذ نقول إنّ قضيّة أدلَّة الإكراه رفع كلّ أثر كان ثابتا لولا الإكراه ، مع كونه مناسبا للمنّة ، وفي عقد المكره الأثر الثابت - لولا الإكراه - هو