نفس الإكراه ، بل لعلّ شموله لمثل ذلك كان من الممتنعات ، إذ لا يعقل أن يكون الشيء رافعا لما اقتضاه نفسه . أقول : تمام ذلك صحيح تام ، لكن لو كان في البين دليل على ثبوت هذا الحكم التأهّلي لعقد المكره بعد رفع الحكم الفعلي عنه بأدلَّة الإكراه ، فلقائل أن يقول : ما الدليل على أصل هذا الحكم حتّى يفيد الوجهان كونه باقيا وغير مرفوع بالأدلَّة المذكورة . ووجه عدم المثبت لهذا الحكم أنّ أدلَّة الإكراه لكونها شارحة للمراد من أدلة الأحكام التي منها أدلَّة الوفاء بالعقود ، فلا محالة تكون حاكمة عليها وإن كانت النسبة بينهما هو العموم من وجه ، ولا إشكال أنّ المكره عليه ومصداق ما الموصولة في قوله : وما استكرهوا عليه ، في المقام هو نفس العقد لا حالة من حالاته ، فتخصيص الفرد لا يمكن الفرار عنه ، فكأنّه قيل : العقود التي يجب الوفاء بها ، بمقتضى قوله تعالى : « أَوْفُوا بِالْعُقُودِ » المراد بها ما سوى هذا الفرد . نعم لو دار الأمر بين التقييد والتخصيص ، كما إذا علم بخروج قطعة من الزمان من ابتداء العقد عن وجوب الوفاء وشكّ في أنّه من باب تخصيص العموم بهذا الفرد أو من باب تقييد الإطلاق بهذه القطعة ، يحكم بالثاني بمقتضى أصالة عدم التخصيص ، فيجعل مبدأ وجوب الوفاء من ما بعد هذه القطعة ، بمقتضى أصالة الإطلاق الثابت للدّليل بالنسبة إلى قطعات الزمان . لكن فيما نحن [ فيه ] حيث لا محيص عن تخصيص الفرد - لما عرفت - فالتمسّك بالعموم لإثبات الحكم فيما بعد الرضا يكون من باب التمسّك بالعام لدخول فرد في زمان بعد خروجه عن الحكم في الزمان السابق ، وجوازه في المقام مبنيّ على ثبوت العموم الزماني للآية ، والحقّ عدمه .