بالتراضي : الرضا بالعقد الذي هو السبب ، أو بمضمونه الذي هو المسبب ، كالنقل والانتقال الخارجي في البيع . فإن كان الأوّل ، فالمستفاد من الآية اعتبار مقرونية البيع بالرضا بنفسه وكونه مسببا عنه ، وإن لم يكن الرضا بمضمونه موجودا ، وحينئذ فلا دلالة في الآية على فساد عقد المكره ، لوضوح كونه ناشئا عن الرضا بنفسه كما عرفت ، وبالجملة فكلّ فعل كان اختياريّا لفاعله ، فلا محالة يكون مسببا عن الرضا به ، غاية الأمر إنّ الرضا به تارة ينبعث عن الرضا بأثره ، وأخرى عن أمر آخر - كما في المقام - فإنّ الرضا بالبيع جاء من جهة خوف الضرر المتوعد به . وإن كان الثاني ، فلها دلالة على ذلك ، إذ على هذا ينحصر مصداق الوصف في البيوع الاختيارية والاضطرارية دون الإكراهية ، بمعنى أنّ من يقدم بالبيع اختيارا ، فالسبب الذي دعاه إليه لا محالة يكون هو الرضا بوقوع أثره في الخارج - أعني : ملكيّة الثمن أو المثمن - كمن يشرب الخمر اختيارا ، فإنّ شربه مسبّب عن الرضا بالسكر الذي هو أثر الشرب . وهكذا المضطر ، فإنّ بيعه أيضا مسبّب عن الرضا بملكيّة الثمن أو المثمن ، واللجاء إليها ، وهذا بخلاف المكره ، فإنّ عقده مسبب عن خود الضرر لا عن الرضا بالانتقال الخارجي . نعم هو عالم حين العقد بحصول الانتقال بسببه لو جهل بحكم الشرع بالبطلان ، كما أنّ من يشرب الخمر عن إكراه ، فليس شربه مسببا عن الرضا بالسكر ، نعم هو عالم حين الشرب بحصول السكر بعده . ومنه أدلَّة الإكراه فقد يتمسّك بها لعدم فائدة لحقوق الرضا بعقد المكره ، بتقريب : أنّ المراد « بما استكرهوا عليه » الذي رفع أثره ، هو الفعل الصادر عن داعي الإكراه ، فيكون مخصّصا لعموم وجوب الوفاء بكل عقد ، وبذلك يسقط العموم عن الاستدلال .