الصبيّ نسب إلى الولي ، بمعنى أنّ الولي كان هو العمدة في إيقاع المعاملة ولم يكن الصبيّ إلَّا مجرّد الآلة بحيث لا ينسب إليه البيع أصلا ، نظير ما إذا تساوم كبيران وتقاولا مدّة حتى إذا استقرّ رأيهما على البيع بالوجه الخاص ، وكَّلا رجلا بالغا لإجراء الصيغة ، حيث إنّ هذا الرجل ليس إلَّا واسطة لتصحيح بيع الكبيرين ، فلا منافاة بين ارتفاع الأحكام الوضعيّة في حقّ الصبي وكون عمله موضوعا لتكليف غيره كما هو واضح . وبالجملة : فمجرّد آلية الصبي في المعاملة المتعلَّقة بماله أو مال غيره ممّا لا مانع منه . ثمّ إنّه لا فرق فيما ذكرنا - من المنع من استقلال الصبي ولو كان بإذن الولي - بين المحقّرات والمجلَّلات ، فعلى هذا لا يجوز له بيع البقل - مثلا - إلَّا إذا جعله الولي « باقة باقة » ، وميّز بين الباقات ، وقال له : بع كلَّا من هذه بفلس مثلا ، بحيث كان المفوّض إلى الصبي مجرّد الإعطاء والأخذ . ثمّ إنّ المصنّف لمّا التزم بسلب عبارة الصبي ، وكانت رواية السكوني مخالفة لهذا ، حملها على محامل ، فينبغي التعرّض لها ولمعناها . فنقول : قد روى السكوني عن الصادق - عليه السلام - أنّه قال : « نهى النبيّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم عن كسب الغلام الصغير الذي لا يحسن صناعة بيده ، لأنّه إن لم يجد سرق » وليس المراد بالكسب معناه المصدري ، بل المراد المال المكتسب ، وهذا النهي إرشاديّ ، بقرينة تعليله باحتمال السرقة ، فمفهومه أنّه لو علم من الخارج أنّه صادق في دعواه ، فيجوز أخذ كسبه . فهذا يدلّ على ثبوت كسب للصبي في الجملة ، إذ لو لم يكن له كسب أصلا لم يكن وجه للتعليل بالاحتمال المزبور ، بل كان الأخذ منهيّا عنه حتى لو علم بصدق دعواه ، فيكون مخالفا لما ذكره - قدّس سرّه - من وجهين : الأوّل : من حيث جواز تولَّيه إجازة نفسه بدون إذن الولي ، والثاني : لو سلَّمنا عدم