مني ؟ فقال الآخر : بعتك ، يعدّ ذلك بيعا من دون أن يرون لأخذ المستدعي المال مدخليّة في تحقّقه ، بل يرون المستدعي ملزما بالقبول بمجرّد الاستدعاء المذكور ، وتعقبه بالقول المذكور ، وهذا يدل على أنّ قوام البيع عندهم بطرف البائع فقط ، غاية الأمر إنّه مع عدم الرضا ، بيع غير مؤثّر . ألا ترى أنّ عقد الوكالة متحقّق من طرف الموكل من دون حاجة إلى إنشاء من طرف الوكيل . وفي رواية سهل الساعدي أنّ الزوج قال للنبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم : زوّجنيها ، فقال النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم زوجتكها . وظاهرها الاكتفاء بمجرّد إيجاب النبيّ ، وعدم تعقّبه بإنشاء القبول نم طرف الزوج . ومفهوم الشراء وإن كان مفهوما مغايرا لمجرّد الرضا ، لكن لا دليل على لزومه مع ترتّب الأثر في الكتاب والسنّة على مجرّد البيع ، لا البيع والشراء . والحاصل : أنّه إن قلنا بهذا ، فالخطب سهل ، فكما يجزي الرضا اللاحق من المشتري فكذا السابق بل هو أولى ، بل لو حصل الرضا بعد الإيجاب بمدّة كان كافيا ، كما في الإجازة اللاحقة في البيع الفضولي ، بل يكفي مجرّد قول « بعت » فيما إذا باع ولي الصغيرين مال أحدهما من الآخر . وإنّما الإشكال والكلام فيما لو قلنا بأنّ عقد البيع لا يحصل بدون إنشاء القبول من المشتري ، ووافقنا الإجماع على أنّ العقود مركَّبة من الإيجاب والقبول الظاهر منه غير الرضا المجرّد ، مع ملاحظة الإجماع الآخر على أنّه لا يكفي في باب العقود الإنشاء التعليقي ، بل لا بدّ أن يكون آنيا حاليا فعليا ، فإنّه لو حملنا القبول المحتاج إليه في تحقّق مفهوم العقد على القبول المطاوعي - وربّما يؤيّد ذلك بما هو المتداول في القبول في أبواب العقود من تعليقه بفعل الموجب ، فيقال : قبلت