وإمّا أن يكونا من قبيل سببين ، نعلم بثبوت أحدهما وعدم اجتماعهما ، ولازم هذا العلم أنّه لو كان أحد هذين السببين معلوم الانتفاء ، كان الآخر معلوم الثبوت ، لا أنّ هذا الثبوت أثر شرعي لذاك الانتفاء . ومن المعلوم أنّ الاستصحاب يفيد التعبّد بالآثار الشرعية لمجراه ، لا بلوازمه التي تكون معه في عرض واحد إلَّا على الأصل المثبت وإن كان لو حصل العلم بالملزوم حصل العلم باللازم . وذلك كاستصحاب عدم التكليف ، حيث لا يلزم منه ثبوت الإباحة ، لأنّ قضية مضادّة الأحكام الخمسة ، وعدم خلوّ الواقعة عن أحدها ، هو ثبوت الإباحة عند فقد الأربعة الأخر ، لا أنّ ثبوت الإباحة أثر شرعي لفقدها . وكذلك ما نحن فيه ، فإنّ قضية العلم الإجمالي بأحد الأمرين من ضمان العوض الحقيقي ، وضمان العوض الجعلي وعدم اجتماعهما ، هو ثبوت الأوّل عند فقد الثاني ، لا أنّه من آثاره الشرعية . فثبت أنّ أصالة الجواز ، التي أثرها الشرعي عدم ضمان العوض الجعلي ، لا تكون حاكما على استصحاب عدم ضمان العوض الحقيقي ، وإنّما يكون كذلك ، لو كان ثبوت ضمان العوض الحقيقي أثرا شرعيا لعدم ضمان العوض الجعلي ، نعم لو ثبت ذلك بالدليل لا بالأصل ، كما لو فرض دلالة قاعدة التسليط على تسلَّط مالك العين الباقية على الرجوع ، فحينئذ لا بدّ من الالتزام بثبوت ضمان العوض الحقيقي وطرح استصحاب عدمه . ويمكن أن يقال : إنّه لا محلّ لأصالة الجواز في العين الباقية ، لأنّ معنى الرجوع فيها هو سلب الإباحة العوضية عنها ، وهذا المفهوم لا يتحقّق إلَّا بسلب الإباحة عن مقابلها وهو التالف . وليس المراد بالرجوع في العين الباقية استردادها منفردا ، بل استردادها من حيث البدلية المتوقف على ردّ مقابلها ، فالاقتدار عليه يتوقّف على الاقتدار على ردّ