لكلّ واحد من الزوجين بذمّة الآخر ، فإنّ الأب مثلا له أن يحصّل بواسطة جوارح ولده الأعمال الخاصّة ، كالإطاعة والتواضع والخدمة ، وله ترك تحصيلها ، لكن هذه الأعمال لا تعد في العرف مالا كما في أعمال الأجير . أمّا الفرق بينه وبين الملك : فهو أنّهما بعد اشتراكهما في كونهما سلطنة ، ينفرد الأوّل بأنّ متعلَّقه إمّا أن يكون من سنخ المال ، ولكن من مال غير من هو له ، وإمّا أن يكون من غير سنخ المال كما مرّ . وينفرد الثاني ، بأنّ متعلَّقه لا يكون إلَّا من سنخ المال ، لكن من مال من هو له ، ولو كان لحقارته وقلَّة مقداره غير معدود في العرف مالا ، كالحبّة من الحنطة ، فإنّها أيضا من سنخ المال . وأمّا الفرق بينه وبين الحكم - أعني : الحكم الترخيصيّ ، فإنّه المحتاج إلى بيان الفرق بينه وبين الحقّ ، لدوران الأمر بينهما في كثير من الموارد ، لا الإيجابي والتحريمي ، لعدم دوران الأمر بينهما وبين الحقّ في شيء من الموارد - فهو أنّ المجعول ابتداء في الحقّ هو السلطنة ، وفي الحكم هو الإباحة . وإن شئت توضيح ذلك في ضمن المثال ، فانظر إلى أنّ السلطان تارة يعطي منصب حكومة البلد الفلاني شخصا ، وتارة يجوّز له التصرف فيه كيفما شاء ، فالمجعول الابتدائي في الأوّل هو منصب الولاية والحكومة ، وإن كان لازمه مجعولية إباحة جميع التصرفات ، وفي الثاني هو الإباحة وإن كان لازمه أن يصير مسلَّطا وقادرا . فكذا الشارع قد شرع في مسألة جواز شرب الماء مثلا حكم الإباحة أوّلا ، إن كان لازمه أن يكون المكلَّف قادرا عليه ، وفي مسألة الخيار مثلا ، قد جعل المكلَّف ابتداء ذا يد واقتدار على العقد ، وإن كان لازمه جواز الفسخ وإباحته .