نفسها لا في متعلَّقها . والشاهد على ذلك ، أنّ المسافر في بلد الإقامة قد يريد الإقامة لا لمصلحة فيها ، بل لأجل إتمام الصلاة الذي هو من أحكام نفس الإرادة ، ولذا يدور مدارها وجودا وعدما ، سواء حصلت الإقامة عشرا أم لا ، فكذلك الآمر في الأوامر الامتحانية ، خالق للإرادة في نفسه لأجل مصلحة نفس الإرادة ، لا في متعلَّقها وهي امتحان العبد . ولا بأس بصرف عنان الكلام ، إلى إقامة البرهان على اختيارية الإرادة وإبطال حجّة الخصم على إضطراريتها . فقد احتجّ على مذهبه بأنّه لو كانت اختيارية فلا بدّ أن تكون مسبوقة بالإرادة لأنّ الفعل الاختياري ما كان كذلك ، ثمّ ننقل الكلام في الإرادة الثانية فهي أيضا لا بدّ أن تكون مسبوقة بإرادة أخرى ، وتلك الإرادة الثالثة بإرادة رابعة وهكذا إلى غير النهاية ، وهذا تسلسل وبطلانه يقتضي بطلان ملزومه . والجواب : أنّ الإرادة المنبعثة عن المصلحة في المتعلَّق ، تكون علَّة وجودها هي تلك المصلحة ، فإنّها تحدث في العالم بها حبّا وشوقا إلى الفعل ، ثمّ لا يزال يكون هذا الحبّ والشوق شديدا وأكيدا ، حتّى ينتهي إلى الإرادة ، فهي لا تحتاج إلى إرادة أخرى . حتّى توجدها . وأمّا الإرادة المخلوقة لأجل المصلحة في نفسها ، فهي تحتاج إلى إرادة أخرى كسائر الأفعال الاختيارية غير الإرادة ولكن تلك الإرادة الأخرى تنبعث عن المصلحة في المتعلَّق ، أعني : الإرادة الأولى ، فاندفع التسلسل . والبرهان على اختيارية الإرادة أنّه لا شك في أنّه كما أنّ من كان منشئا