فلا بدّ أن يحكم الشارع بوجوبه ، حكما تكليفيا يوجب مخالفته العقاب من باب قاعدة اللطف ، ضرورة أنّه لولا ذلك لم يرتدع عن ترك الفعل الذي حكم بوجوبه العقل إلَّا الأوحدي من الناس ، وكذا كلّ ما حكم بتحريمه العقل فلا بدّ أن يحرّمه الشرع ، بحيث أوجب مخالفته العقاب للعلَّة المذكورة ، وهكذا . وقد عرفت أنّ الحكم الوجوبي والتحريمي للعقل هنا موجود ، والخطاب التكليفي الشرعي غير موجود . وأمّا العقائد الإسلامية ، فلا إشكال في عدم وجوبها على الصبي ، وإن قال به بعض ، وذلك لأنّ دليل وجوب ذلك على البالغين حكم العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل ، فإنّه لو لم يتفحّص يحتمل أن يكون الصّانع حقا ، ويعذّبه على ترك التفحّص ، ولا شكّ في أنّ هذا الاحتمال منفيّ في حقّ الصبي ، إذ هو في أمن على أيّ حال . نعم لو احتمل أنّ هذا المولى على تقدير وجوده يعاقب الصبي أيضا على ترك المعرفة ، وجب عليه حينئذ تحصيلها بالدليل المذكور . وأمّا صحة إسلامه بمعنى ترتّب الآثار الدنيوية من طهارة بدنه وحل ذبيحته ، ونحو ذلك ، فقد يستظهر من كلماتهم ثبوت الملازمة بينها وبين وجوب إسلامه ، بمعنى أنّه لو كان واجبا كان صحيحا وإلَّا فلا وأمّا إسلام عليّ - عليه السلام - فهو من خصائصه . أقول : لا وجه لكون ذلك من خصائصه - عليه السلام - ، بل مقتضى عمومات حلّ ذبائح من قال لا إله إلَّا الله ، إلى غير ذلك من سائر الأحكام المترتّبة على هذا العنوان أو عنوان المسلم ، شمولها لكل صبيّ ، وليس في الأخبار ما يدلّ على اختصاص ترتّب هذه الأحكام بما إذا كان القائل هو البالغ ، ودعوى الانصراف كما ترى .