ثمّ إنّ المشهور ذكروا عقيب هذا المبحث مسألة ضمان المقبوض بالعقد الفاسد ، ولفظ العقد الفاسد في كلامهم ناصّ في الفاسد من جهة اختلال شروط الصيغة ، فإنّ مقتضى الاتصال بهذا المبحث كونه إمّا خاصا به ، وإمّا شاملا له ولغيره ، ومع الغض عن ذلك ، فهو ظاهر فيه بمقتضى الإطلاق . وظاهر المحقّق والشهيد الثانيين كون الصيغة المختل بعض شروطها معاطاة ، فيكون كلامهما مناقضا لمقالة المشهور ، إذ مقتضى الأوّل هو الضمان بالعوض الجعلي ، ومقتضى الثاني هو الضمان بالمثل أو القيمة . وتحقيق المقام : أنّه إن قلنا بأنّ تلك الشروط ليست شروطا أصلا ، وأنّ الصيغة الفاقدة لجميعها بيع صحيح بمقتضى الإطلاقات السليمة عن المعارض ولازم بمقتضى القواعد المتقدّمة كذلك ، فلا حاجة لنا إلى البحث في هذا المقام . وإن قلنا باشتراط الصحّة بالجميع أو بالبعض . فإن بنينا على إفادة المعاطاة للملك الجائز ، فلا معنى لجعل الفاقد لبعض تلك الشروط من هذا الباب ، لمكان التنافي بين جعل الشرط شرطا للصحّة ، المقتضي لعدم ترتّب مقصود المتعاقدين على فاقده وترتّب الضمان عليه ، وبين جعل الفاقد له مفيدا للملك ، إذ الصادر من المتعاقدين ليس إلَّا الرضا الباطني بملكيّة كل من المالين بإزاء الآخر لمالك الآخر ، والصيغة اللفظية على طبقه ، والتقابض بعد ذلك ، فالأوّل لا يصلح بمجرّده سببا لحصول الملكيّة ، بل يحتاج إلى المظهر بلا إشكال ، والثاني فاسد بالفرض ، والثالث إنّما وقع مبنيا على العقد وعلى وجه الوفاء به والعمل بمقتضاه ، لا بقصد إنشاء الملكيّة ، لوضوح أنّ المتعاقدين العالمين بصحّة الصيغة وحصول الملكيّة بها ، لا يقصدان بالتقابض بعده إنشاء التمليك ، لكونه تحصيلا للحاصل باعتقادهما ، ومن المعلوم أنّ التقابض المجرّد عن قصد الإنشاء - ولو كان باعتقاد