الحديث . لا يخفى عليك أنّ ما افتى به أبو حنيفة مبني على النبوي المشهور « الخراج بالضمان » كما يظهر من قوله فضمن قيمة البغل فسقط الكراء . وقد استشهد الشيخ « ره » بقوله عليه السلام نعم قيمة البغل يوم خالفته على تعلق الضمان بقيمة يوم الغصب وفيه انّ معنى « نعم » إثبات مضمون ما سبق بنحو الاخبار أو الاستفهام ، فهي في جواب أقام زيد ؟ بمعنى قام ، وفي جواب ألم يقم زيد ؟ بمعنى لم يقم . بخلاف بلى ، فانّ معناها نقض النفي وجعله إيجابا . فهي في جواب الم يقم زيد بمعنى قام زيد ولذا كان معنى بلى في جواب قوله تعالى * ( « أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ » ) * أنت ربنا ، ولو قيل في موضعها : نعم لكان كفرا فان معناه حينئذ لست أنت بربنا . والتحقيق في معنى الرواية ، انّ أبا ولاد استشكل في قول الامام عليه السلام بقوله : جعلت فداك قد اعلفته بدراهم فلي عليه علفه ، فلمّا أجابه الإمام « ع » بقوله : لا لأنّك غاصب ، استشكل ثانيا بما ذكر له أبو حنيفة دليلا على فتواه ، من انّه خالف فضمن قيمة البغل وسقط الكراء في قباله فقال : أرأيت لو عطب البغل أو نفق أليس كان يلزمني ؟ فأجابه « ع » بقوله : نعم قيمة بغل يوم خالفته . ومعناه ليس يلزمك قيمة البغل يوم المخالفة حتى يسقط الكراء في قباله . وما ذكرناه ممّا لا سترة عليه ، فتكون الرواية دليلا على ابطال القول بتعلق الضمان بالقيمة يوم الغصب ، لا على إثباتها . وبالجملة ، الرواية من صدرها الى ذيلها ناظرة إلى اشتغال ذمة الغاصب بالكراء وعدمها ، وكلَّما وقعت فيها من الأسئلة والأجوبة ، سيقت لبيانهما ، فذكر أبو حنيفة في جواب ما ذكره المدعى : انّه لما خالف ضمن القيمة فأوجب ذلك سقوط الكراء عنه ، وبنى فيه على ما ذهب اليه من انّه إذا ضمن القيمة سقط عنه الكروة . ومنشأه اما الالتزام بخروج العين المغصوبة بضمان القيمة عن