وأما جعل إكراه الغير مانعا [1] ، فقد فرغنا في الأصول عن عدم إمكان اعتباره في المسائل الاعتبارية ، فيرجع إلى شرطية عدمه [2] ، وعندئذ لنا أن نسأل الوالد المحقق - مد ظله - : بأن هذا الشرط يرجع إلى المشروط ، فما هو المشروط ؟ أي هل إرادة المبيع مشروطة ، أو الطيب والرضا مشروط ، أو اللفظ الذي ينشأ به مشروط ؟ وبعبارة أخرى : أي شئ مشروط هذا الشرط ؟ ولا جواب إلا بأن يقال : بأنه يستلزم الاخلال بشرط من شروطها الموجودة في أفق النفس وصقع الذهن . وبعبارة أخرى : يشترط في صحة البيع أن لا يكون تحققه عن إكراه ، فيرجع ذلك إلى أن العلة - وهي الإرادة المتعقبة بتحرك العضلات - غير حاصلة من إيعاد المكره ، وهذا يرجع إلى اشتراط كون الإرادة معلولة النفس والمبادئ الخاصة ، دون مطلق المبادئ التي منها إيعاد المكره ، ودون الداعي من الفرار عنه . ومعنى هذا بطلان عقد المضطر ، لأنه أيضا معلول الإرادة المشتملة على المبادئ الخاصة ، ومنها الداعي إلى الفرار من الضرر الذي يخاف عليه . ومن هنا يعلم : أن الكراهة ليست مانعة ، ولا عدمها شرطا ، لوجودها في بيع المضطر أيضا .
[1] البيع ، الإمام الخميني ( قدس سره ) 2 : 57 . [2] تحريرات في الأصول 8 : 56 و 82 و 91 .