العنوان فرع مغايرة مفهومه لمفهوم الإجارة ونحن لا نتعقّل في المقام سوى الإجارة أو البيع أو هما معا توضيحه انّ حقيقة الإجارة هي نقل المنفعة وحقيقة البيع هي نقل العين فإذا كان المقص من الاستيجار للرّضاع خصوص الأفعال كانت إجارة وان كان خصوص الَّلبن كان بيعا وان كان هما معا كان إجارة بالقياس إلى المنافع وبيعا بالقياس إلى العين فلا بدّ من مراعاة شروطهما و ح مجرّد اجتماع نقل المنفعة ونقل العين في عبارة العقد حقيقة أو مجازا لا يخرجهما من حقيقتهما مع انّ البيع لا يصحّ بلفظ الإجارة ولا الإجارة بلفظ البيع فلا بدّ من ذكر الَّلفظين فيخرج عن المبحوث عنه وهو الأستيجار خاصّة نعم لو اعتبر في معنى الإجارة نقل المنفعة بشرط لا وفى معنى البيع نقل العين كك كان هذا حقيقة ثالثة لكن وضوح فساده يغنى عن بيانه والَّا لزم فساد جميع الإجارة والبيع بعقد واحد وامّا ثانيا فلانّ النّهى عن الغرر على ما تقرّر غير مرّة يعمّ جميع المعاوضات فكيف يجوز مع جهالة الَّلبن ولو جعل الآية والتاسّى دليلين على اغتفار الجهالة هنا للضّرورة نظرا إلى كونهما اخصّ من ادلَّة الغرر ففيه انّه لو قلنا بانّه بيع محض أو بيع وإجارة أمكن ذلك كما خرجنا عنه في غير موضع لا دلالة خاصّة فلا فايدة في جعله عقدا مستقلَّا مع عدم تعقل عنوان مغاير لعنوانهما وامّا ثالثا فلمخالفة ذلك طريقة الأصحاب وخرج وعمّا ظاهرهم الاتفاق عليه من انحصار العقود في العقود المعهودة المتعارفة كما لا يخفى على من تامّل في كلماتهم في حدود العقود مضافا إلى ما هو المعلوم من محافظتهم في الكتب الفقهيّة والتّصانيف المبسوطة على الحصر المذكور الا ترى انّهم لا يجوزون البيع بألفاظ تدلّ عليه بالكناية كقوله أعطيت وجعلتك في حلّ من التصرّف فيه وما أشبهه ولا يقولون بانعقاده عقدا اخر بل يحكمون بفساده فلو لا انّهم فارغون عن انحصار العقود في العقود المتعارفة لم يكن لحكمهم بالفساد وجه إذ غاية ما هناك قيام الاجماع على لزوم الصّراحة في العقود اللَّازمة وهذا لا يقتضى سوى فساد كونه بيعا واما فساده معارضة أخرى فلا معارضة أخرى فلا ضرورة صراحة تلك الصّيغة بالقياس إلى مدلولها المطابقي الَّذى أريد بها وامّا الاستشهاد بقول البعض في مسألة التقبّل فهو مردود على قائله لانّ الرّواية واردة في شرعيّة أصل التقبّل لا في بيان كيفيّة ما يتحقق به التقبّل فلا بدّ في السّبب من الرّجوع إلى ادلَّة الأسباب فان ساعده بعضها عمل به وليست في مقام بيان سببيّة التقبّل حتى تدلّ على كونه عقدا مستقلَّا وسببا مغايرا من الأسباب المعهودة وعلى فرض دلالتها عليه فهي مخالفة لأصول المذهب بعد ما عرفت من الاتفاق على الانحصار فلا يمكن الركون إليها ثم في قياس المقام به ما ترى لعدم الدّليل على كون الاستيجار للرّضاع عقدا مستقلا لما عرفت من وجوه الخدشة في الأدلَّة المذكورة فظهر انّ هذا الوجه أيضا لا كراية فيه والانصاف في تحقيق المقام هو ما افاده الأعلام العلَّامة والمحقّق والشهيد الثّانيان وغيرهم من كون متعلَّق عقد الإجارة هو الفعل واستحقاق الَّلبن على المراة تبعا امّا الايراد عليه بانّ الَّلبن مقصود بالأصالة فليس بشئ لا لما في لك من أن قيمته اقلّ من قيمة الافعال وان كان مقصودا من وجه اخر لانّ ظاهره غير مستقيم ولا نفهمه بل لانّ التّابع ما كان مستحقّا عليه ومقدّمة تسليم العمل أو بشرط ضمني والمرجع في الثّانى هو العرف لكن هذا مبنىّ على كون متعلَّق العقد غير الافعال الَّتى زعموها اعني الحصانة ووضع الثّدى في فم الصّبى وغسل الخرقة وأمثالها بل هو الارضاع الَّذى هو مفهوم مغاير مقدور للمرأة فتستاجر له ويستحقّ عليها اتلاف الَّلبن الذي في ثديها تبعا من باب المقدمة وهو غير الاستيجار للأفعال المذكورة وان