تحقيقات وترجيحات كلها اشتباهات في تحرير محلّ النزاع وتطبيق الأدلة على الأقوال كما لا يخفى على الملاحظ البصير والباعث على الإشارة إلى ذلك تحفظ من لا بصيرة له من الاغترار عقالاته ونحن نحرر مبنىّ الخلاف على وجه مفصح عن غفلاته ونقول ان من القواعد المسلمة بينهم كما حرّروه في أم المعاملات البيع اقتضاء المعاوضة التّقارن في الاقباض فيجوز لكلّ منهما حبس العوض حتى يقبض العوض بطريق الدّور المعى وان شئت قلت يتوقف استحقاق مطالبة كل منهما للمعوض على دفع العوض إذا لكلّ معناه المعية والمقارنة في الاقباض فان امتنع أحدهما من أصل التّسليم أجبره الحاكم على ذلك وان امتنع من التقديم كان له ذلك سواء في البيع وغيره في الثمن أو المثمن خلافا للمحكى عن الشيخ في خصوص المثمن فحكم بوجوب التقديم على البايع والسرّ في ذلك ان حقيقة المعاوضة يقتضى قيام كلّ من العوضين مقام الاخر من كلّ جهة فلو وجب على أحدهما الاقباض قبل قبض القابل لزم ارتفاع يده عن ماله بلا عوض في ان التّسليم وهو خلف فظهر انّه لم يدلّ على حقّ الحبس في العوضين لكلّ من المتعاقدين دليل خارج عن دليل صحّة ذلك العقد فإن كان الحبس المبحوث عنهما اقتضاه المعاوضة لم يكن محتاجا إلى الدّليل بل الدليل على من يدّعى خلافه ولذلك اعني حق الحبس ثمرات واضحة تطلَّع على بعضها انشاء اللَّه تعالى وهذه القاعدة في الإجارة أيضا جارية بلا اشكال ولا خلاف فيما إذا كانت متعلَّقة بالأعيان فقد يجب على المستأجر تقديم الأجرة قبل اخذ المنفعة باخذ العين المستأجرة ولا على الموجر فتقديم اقباض المنفعة بتسليم العين المستأجرة وفيما إذا كانت متعلَّقة بالأبدان أيضا إذا لم يكن العمل متعلَّقا بعين منقولة سواء لم يكن متعلَّقا بشئ كالصوم والصّلوة ونحوهما من الاعمال المحضة أو كان متعلَّقا بعين غير منقولة كمزارعة الأرض وبنآء المسجد وأمثالهما وانما الخلاف والاشكال فيما لو كان العمل المستأجر عليه قائما بشئ منقول كالثوب والخاتم ونحوهما ومبنىّ الخلاف هو انّه هل يكفى ايجاد العمل هنا في تحقّق التّسليم المعتبر في المعاوضة كما في غير ما كان متعلَّقا بعين منقولة فيسقط حق حبس الأجرة للمستأجر ووجب عليه التّسليم أولا فيه أقوال ثلاثة ذهب المصنّف ومن عرفت انفا إلى الاوّل وذهب العلَّامة والمحقّق الثّانى وغيرهما إلى الثّانى وفصل الشّيخ في كلامه المتقدّم عن المبسوط على أحد الاحتمالين ويأتي انشآء اللَّه الاحتمال الاخر والاوّل أقرب وفاقا لبعض مشايخنا قدّس سرّه خلافا للمحكى عن درس شيخنا الأستاذ قدّس سرّه لما عرفت من بيان منشا الخلاف من تحقق التّسليم المعتبر في الإجارة لانّ تسليم العمل ليس كتسليم المنفعة في التوقّف على تسليم العين المستأجرة لانّ تسليم العمل انّما هو بالفراغ عنه بخلاف المنفعة فان تسليمها الحقيقي لمّا كان ممتنعا لكونها معدومة قام تسليم العين مقام تسليمها بل مقتضى المقايسة بالمنفعة جواز مطالبة الأجرة هنا وجود اوّل جزء من العمل بنآءا على تنزيل هذا الامر التّدريجى منزلة الموجود بوجود اوّل اجزائه كما يحكم بوجود النّهار بمجرّد طلوع الشّمس الَّا انّ ظاهر الاخبار والفتاوى وملاحظة الاضرر ونحوها قضت بتوقّف استحقاق المطالبة على اتمام العمل ويمكن ان يستدّل أيضا بالصّحيح لا يجف العمل حتى يعطى اجره لان ترك الاستفصال واطلاق الكلام كلاهما قاصيان بسقوط شرط تسليم العمل مضافا إلى قاعدة السّلطنة