القرعة عن الضابطة المذكورة . وقد انقدح مما حققناه تمييز موارد القرعة عن غيرها ، وحينئذ يظهر لك أنه لا يكون لعمومها بالنسبة إلى مواردها تخصيصات كثيرة ، حتى يلزم الاستهجان ، ويحتاج في العمل بها إلى عمل الأصحاب كما هو المشهور بين المعاصرين وغيرهم ، بل لا يكون لعمومها تخصيص إلا في مسألة درهم الودعي ، حيث إن مقتضى القاعدة القرعة فيها ، ولكن النص الخاص قد حكم بالتنصيف . ثم إنه لو أبيت عما ذكرنا من كون المراد بالأمر في الرواية النبوية وفي قولهم : " كل أمر مجهول ففيه القرعة " ، هو الأمر الذي يرجع فيه إلى الحاكم ، نظرا إلى إطلاق لفظ الأمر في الرواية والفتوى ، نقول : إن المراد بالأمر هل هو الحكم أو الموضوع ؟ وتوصيفه بكونه مجهولا هل يراد به الشبهة الحكمية أو الشبهة الموضوعية ؟ لا مجال للأول ، لأن الشبهات الحكمية وإن كانت في بادئ النظر متصفة بالجهل والاشتباه ، إلا أنها بلحاظ تبين حكمها في لسان الشارع وبيان الوظيفة الشرعية فيها ، لا تتصف بالجهالة والاشتباه ، فإن شرب التتن الذي يجري فيه احتمال الحرمة لا يكون مجهولا ، لأنه قد حكم الشارع بحليته بمقتضى أصالة الحلية الجارية في مثله ، وكذا صلاة الجمعة التي يجري فيها استصحاب الوجوب فرضا بمقتضى قوله ( عليه السلام ) : " لا تنقض