الرجل يقف الضيعة ثمّ يبدو له أن يحدث في ذلك شيئاً ، فقال : إن كان وقفها لولده ولغيرهم ثمّ جعل لها قيّماً لم يكن له أن يرجع فيها ، وإن كانوا صغاراً وقد شرط ولايتها لهم حتّى بلغوا فيجوزها لهم لم يكن له أن يرجع فيها ، وإن كانوا كباراً ولم يسلَّمها إليهم ولم يخاصموا حتّى يجوزوها عنه فله أن يرجع فيها ، لأنهم لا يجوزونها عنه وقد بلغوا [1] . وقد دلَّت على أنّ الوقف إنّما يؤثّر ويصبح لازماً بعد القبض ، وأمّا قبل القبض فيجوز للواقف فسخه . وإذا استمرّ عدم القبض إلى أن مات الموقوف عليه بطل الوقف وأصبح ميراثاً . وتدلَّنا على ذلك الحكم صحيحة محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال في الرجل يتصدّق على ولده وقد أدركوا : إذا لم يقبضوا حتّى يموت فهو ميراث [2] . والأمر متسالم عليه ، كما قال العلَّامة رحمه الله : الإقباض شرط في صحة الوقف عندنا [3] . القبض في الوقف العام : قد يشكل الأمر بالنسبة إلى القبض الَّذي يتعلَّق بالجهات العامة لعدم إمكان القبض هناك من قِبل قابض خاصّ . فعليه يقال بعدم اعتبار القبض في الجهات العامة ، كما قال سيّدنا الأستاذ رحمه الله : في اعتبار القبض في صحة الوقف على الجهات العامة إشكال ، ولا يبعد عدم اعتباره [4] . لعدم الدليل التام على الاعتبار . والمشهور عند الفقهاء هو اعتبار القبض هناك أيضاً ، لعموم دليل القبض كما قال الشهيد الثاني رحمه الله : وإن كان في جهة عامة قبضها الناظر ( المتولي ) فيها أو الحاكم أو القيّم المنصوب من قِبل الواقف لقبضه ، ويعتبر وقوعه بإذن الواقف كغيره ، لامتناع التصرّف في مال الغير بغير إذنه [5] . ولأصالة عدم الانتقال بدون الإذن .
[1] الوسائل : ج 13 ص 298 و 299 ب 4 من أبواب الوقوف ح 4 . [2] المصدر السابق : ص 297 ح 1 . [3] تذكرة الفقهاء : ج 2 ص 432 . [4] منهاج الصالحين : ج 2 ص 233 . [5] الروضة البهية : ج 3 ص 166 .