بعض النصوص كصحيحة محمّد بن قيس التي مرّت بنا دلالتها على عدم الحاجة إلى القبول في صحة الوصية وتنفيذها . فالتحقيق : أنّ الاتّجاه الوحيد الذي به يحلّ الإشكال حلَّا نهائيّاً هو أنّ الوصية التمليكية عقد تابع لصياغته الواقعية ، فيشترط فيه الإيجاب والقبول كسائر العقود ، ولكنّ النصّ الخاصّ قد أوسع نطاق القبول ، فدلّ على أنّ المقصود من القبول هنا هو عدم الردّ ، نظير إمضاء الشارع الذي يطلق على التوقيع الصريح وعلى عدم الردّ . وهذا هو أجود الاتجاهات وأتمّها . قال السيّد الإصفهاني رحمه الله : أمّا الوصية التمليكية فإن كانت تمليكاً للنوع كالوصية للفقراء والسادة والطلبة فهي كالعهدية لا يعتبر فيها القبول ، وإن كانت تمليكاً للشخص فالمشهور على أنّه يعتبر فيها القبول ، ولا يبعد عدم اعتباره ، كفاية عدم الردّ ، فتبطل الوصية بالردّ ، لا أنّ القبول شرط [1] فرع قال سيّدنا الأستاذ رحمه الله : إذا مات الموصى له قبل قبوله وردّه قام وارثه مقامه في ذلك فله القبول أو الردّ إذا لم يرجع الموصي من وصيته ، ولا فرق بين أن يموت في حياة الموصي أو بعد وفاته [2] . وذلك لأنّ الوصية تتحقّق بالإيجاب وعدم الردّ ، وبعد ما تحقّقت الوصية كانت من الحقوق القابلة للانتقال بالإرث . اللزوم والجواز : الوصية جائزة بالنسبة إلى الموصي ولازمة بالنسبة إلى الموصى له ، كما قال السيّد اليزدي رحمه الله : لا دليل على كون الوصية جائزة بعد تماميتها بالنسبة إلى الموصى له كما أنها جائزة بالنسبة إلى الموصي ، حيث إنه يجوز الرجوع في وصيته [3] .
[1] وسيلة النجاة : ج 2 ص 188 . [2] منهاج الصالحين : ج 2 ص 209 . [3] العروة الوثقى : 629 .