نام کتاب : فقه المصارف والنقود نویسنده : الشيخ محمد السند جلد : 1 صفحه : 95
الدين - الثابت بواسطة بيع محاباتي يشترط فيه الإنساء - لا إشكال فيه ، ولكن لا يمكن تصوّر ذلك في الهبة بشرط الإنساء بمعنى أن يهب عيناً بشرط الإنساء . ومنشأ الإشكال أنّ مورد ربا النسيئة هو دفع الزيادة مقابل الإنساء بحيث يصير التعاوض بين الزيادة ونفس الإنساء ، وهذا هو مورد نزول الآية أيضاً ، فإنّ الإنساء في الجاهليّة كان إمّا بنحو أن يؤخّر مباشرة بفائدة ، بقوله : أتربي أم تقضي ؟ وإمّا أن يعطيه هدية في مقابل الإنساء ، فإنّ الهبة هي إعطاء مجّاني ، فإذا كانت بشرط الإنساء فكأنّما تقع المعاوضة بينها وبين الإنساء ، وحيث أنّ الإيهاب والهبة لا ماليّة له إلاّ بلحاظ الموهوب ، فالمعاوضة في الحقيقة وقعت بين المال الموهوب وبين الإنساء ، وهو مورد ربا النسيئة . وأمّا في البيع بشرط الإنساء ، فلا يرد الإشكال ; لأنّه يوجد مبيع وثمن وإنساء معهما ، وكذلك في الإجارة المحاباتيّة بشرط الإنساء ، فإنّ طرف الإنساء هو نفس عقد الإجارة لا مال الإجارة ، وكذلك في الهبة بشرط القرض ، فإنّ فيه يقع التعاوض بين عقدين كمعاملة فوقانيّة . 6 - وأمّا ما ذكره في أخبار الضميمة - من أنّها مختصّة بموارد الربا التعبّدي لا الحقيقي - فمدفوع بما ورد في ذيل صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج المتقدّمة : « إنّ أبي كان أجرأ على أهل المدينة منّي ، فكان يقول هذا فيقولون : إنّما هذا الفرار ، لو جاء رجل بدينار لم يعط ألف درهم ، ولو جاء بألف درهم لم يعط ألف دينار ، وكان يقول لهم : نِعْم الشيء الفرار من الحرام إلى الحرام » [1] . وبما ورد في صحيحته الاُخرى - المتقدّمة - أيضاً : « والله إنّا لنعلم أنّك لو أخذت ديناراً والصرف بثمانية عشر فدرت المدينة على أن تجد من يعطيك عشرين ، ما وجدته ، وما هذا إلاّ فرار ، فكان أبي يقول : صدقت والله ، لكنّه فرار من باطل